في أوروبا.. يعتذر الراشي أو المحتال للرأي العام.. ويعلن استقالته الفورية من منصبه.. قبل أن يساق إلى المحكمة.. ومنها يرمى في السجن.. أما في اليابان.. فالمتهم يتحرر من الفضيحة برصاصة واحدة يصوبها إلى رأسه.. فالعار عند هؤلاء الناس.. لا يمكن غسله بحكم قضائي مهما بلغت قسوته. وفي الحالتين.. لا يشكل فعل الرشوة أو الفساد المالي سلوكا عاما يطبع أخلاق الحكام ومن بأيديهم صناعة القرار في هذه البلاد.. فالانحراف قليل الحدوث.. وحجمه المالي محدود جدا.. لأن الشفافية معيار للرشادة وحسن التسيير.. وسطوة القانون لا تتيح الإفلات من العقاب. أما في الجزائر.. فالرشوة لها قصة مختلفة.. وللراشي طريقته الخاصة في التصرف.. وللص المحترف ترتيباته في النجاة محملا بغنائمه.. وللدولة أعني الضحية فهمها الاستثنائي لأسلوب محاربة المال المتسخ.. وفي كل الأحوال.. لا الراشون امتنعوا عن أفعالهم.. ولا نزيف الخزينة العمومية توقف أو تراجع. *** ما كشفت عنه صحيفة “لاريبوليكا” الإيطالية عن تورط مسؤولين جزائريين في رشاوى نفطية بلغت مائتي مليون دولار.. ليس هو الخبر الأول ولا الأخير الذي يطفو على السطح.. فنحن نسبح وسط طوفان مروع من الفساد المالي.. زاد بين عامي 2000 و2008 على 13.6 مليار دولار تم تهريبها خارج الجزائر (حسب تقرير منظمة النزاهة الدولية).. والله وحده يعلم رصيد هذا الفساد في 2012. فلا قانون مكافحة الرشوة.. ولا محاكمات الخليفة.. ولا سيف الحجاج.. أفلح في ردع القطط السمان.. أو قمع نزواتها.. أما الصحيفة الإيطالية.. فقد منحت الحكومة رأس الخيط.. وهي دون غيرها مطالبة بالإمساك به.. واقتفاء آثار اللصوص.. من الجزائر وإلى آخر نقطة يختبئون فيها.