بروكسل تشيد بالخيارات الاستراتيجية للجزائر في التصدي لعملية تيغنتورين مدلسي: الإرهاب في منطقة الساحل صار متعدد الجنسيات محمد سيدمو أثنى نائب الوزير الأول ووزير الشؤون الخارجية البلجيكي، ديديي رايندرز، على ما اعتبرها "الخيارات الإستراتيجية" للجزائر في التصدي للعملية الإرهابية في عين أميناس، الشهر الماضي، في إشارة منه إلى سرعة الحسم العسكري من قبل القوات الخاصة للجيش الوطني الشعبي. وقدم وزير الخارجية البلجيكي التعازي لنظيره الجزائري مراد مدلسي، في ندوة صحفية مشتركة بالجزائر العاصمة، أمس، بعد العملية الإرهابية في تيغنتورين، وأكد مواساة بلجيكا حكومة وشعبا للجزائر في مصابها، الذي خلف عددا من القتلى في صفوف الرهائن الجزائريين والأجانب، مشيدا بالخبرة العملياتية الواسعة للجزائر، وبتاريخها العريق في مكافحة الإرهاب. واعترف وزير الخارجية البلجيكي "ضمنيا" بأن أوروبا كانت تشكل في الماضي قاعدة خلفية لتغذية الإرهاب، موضحا أن أوروبا اليوم التي تتصدى للإرهاب دون هوادة ، تختلف عن أوروبا قبل 20 سنة، وأكد أنها لا تتساهل مع الإرهابيين في الوقت الراهن، بدليل تكثيفها لعمليات التنسيق الأمني فيما بينها ومع الدول المجاورة للاتحاد الأوربي. وأوضح الوزير البلجيكي ردا على سؤال حول "مسؤولية أوروبا التي كانت في وقت سابق ملجئا لإرهابيين يهددون حاليا أمن منطقة الساحل"، قائلا: "لابد من التفرقة بين الوضع قبل 20 سنة، والوضع الآن، فالذين نفذوا العملية الإرهابية في عين أمناس لم يأتوا من أوروبا، ولكن جاءوا من مناطق أخرى". وعانت الجزائر كثيرا في سنوات الإرهاب، من الدعم الذي كانت تلقاه الجماعات الإرهابية من شبكات الدعم في أوروبا، أمام أعين سلطات تلك الدول، ودعت مرارا إلى تجفيف منابع الإرهاب في أوروبا، ولم تتفطن الدول الأوربية إلى ضرورة التصدي لهذه الجماعات، سوى بعد هجمات 11 سبتمبر التي هزت الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأعطى وزير الخارجية مراد مدلسي تحليلا مفاده أن الإرهاب في المنطقة صار متعدد الجنسيات، وهو ما أظهرته، حسبه، عملية تيغنتورين التي قامت بها مجموعة تنتمي لجنسيات متعددة تونسية ومصرية وجزائرية، وذلك في معرض رده على سؤال عن مسؤولية الجزائر في التصدي للإرهاب، بما أن معظم الإرهابيين في المنطقة أصولهم جزائرية. وأكد وزير الخارجية البلجيكي دعمه للمقاربة الجزائرية لحل الأزمة المالية، حيث قال إن العملية العسكرية "سارفال" الجارية حاليا في مالي من قبل القوات الفرنسية، ينبغي أن يتبعها "مسار سياسي تنخرط فيه كافة القوى المتمردة في شمال مالي وحكومة باماكو، من أجل التوصل إلى اتفاق ينهي حالة الصراع في هذا البلد". زيارة الوزير البلجيكي الثانية من نوعها في ظرف ستة أشهر، اكتست طابعا اقتصاديا، حيث أعلن الجانبان عن إنشاء آلية مشتركة لتبادل المعلومات الاقتصادية في البلدين، من أجل مساعدة رجال الأعمال على اتخاذ قرارات استثمار، تكون مبنية على أساس من المعرفة الدقيقة لإمكانات البلدين في مختلف القطاعات. وأعلن الجانبان عن التحضير للجنة مختلطة بين البلدين، لرعاية المشاريع المشتركة في الأربع سنوات القادمة، حيث ينتظر التوقيع على مشاريع هامة في النقل والسكك الحديدية، وقطاع الطرق، وكذا في المحروقات، وصيانة شبكات نقل المياه، إلى جانب مشاريع في الطاقة النووية السلمية، وتلك المستعملة في الأغراض الطبية. وفي الموضوع السوري، أوضح الجانبان دعمهما لتسوية سلمية للصراع الحالي، وقال مدلسي أن هناك بوادر حالية للتسوية السلمية تعززت مؤخرا، في إشارة إلى لقاء مرتقب بين مسؤول من النظام السوري وآخر من المعارضة السورية، بينما أكد الوزير البلجيكي أن بلاده تدعم بشكل كامل تحركات المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي، وتصر على تطبيق معاهدة جنيف بخصوص اللاجئين السوريين المشتتين في عدة بلدان. كما تناولت مشاورات مدلسي ونظيره البلجيكي، موضوع الانتقال الديموقراطي في بلدان الربيع العربي، خاصة في منطقة المغرب العربي، وأشار الوزيران إلى ضرورة دعم الاستقرار السياسي في تونس وليبيا، بالنظر لما تشهدانه من اضطرابات، بسبب أحداث ميزت مسارهما الانتقالي.