كلّف العدالة بكشف الملابسات وتحديد المسؤوليات وإنزال أقصى العقوبات "أمننا يتعرض للخطر بين الفينة والأخرى جراء الوضع في مالي" بهاء الدين.م خرج أمس رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، عن صمته متحدثا لأول مرة عن سلسلة الفضائح التي هزت الشركة الوطنية للمحروقات “سوناطراك" والتي كان آخرها تلك التي فجرها الإعلام الإيطالي بخصوص رشاوى قدمت من طرف فرع “إيني" بالجزائر و “سييبام" لمسؤولين جزائريين. وعبر بوتفليقة عن استنكاره في رسالة وجهها إلى الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد وكافة العاملات والعمال الجزائريين بمناسبة الذكرى المزدوجة لإنشاء الاتحاد وتأميم المحروقات عن “سخطه واستنكاره" داعيا جهاز القضاء إلى فك خيوط القضية التي شغلت الرأي العام الوطني وحتى الدولي لطبيعة الأشخاص المتورطين في الوقائع التي تتحرى فيها أيضا العدالة الإيطالية. وقال الرئيس بوتفليقة إنه “في هذا المقام لا يجوز لي أن أمر مرور الكرام على ما تناولته الصحافة مؤخرا من أمور ذات صلة بتسيير شركة سوناطراك"، مشيرا إلى أنها أمور “تثير سخطنا واستنكارنا". وهو أول تفاعل لرئيس الدولة الذي حرص على مخاطبة الرأي العام في ذكرى رمزية بخصوص الصفقات المشبوهة التي نخرت عمود الاقتصاد الوطني ومصدر قوت الجزائريين، مؤكدا تحميله للعدالة لفك “خيوط هذه الملابسات وتحدد المسؤوليات وتحكم حكمها الصارم الحازم بالعقوبات المنصوص عليها في قوانيننا". وقرأ مراقبون هذه اللهجة من رئيس الجمهورية على أنها رد قوي من مؤسسة الرئاسة على أطراف سياسية وإعلامية انتقدت ما وصفته “صمت أعلى هرم السلطة" على ما يجري في الشركة البترولية العمومية “سوناطراك". لكن نص الخطاب حسب متتبعين يعكس انزعاجا غير مسبوق من القاضي الأول للبلاد من ممارسات لم تكن في مستوى الثقة التي وضعها الرئيس في أشخاص مقربين منه كلفوا مهمة تسيير ملفات كبرى، وأبرزهم وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل المسؤول الأول والمباشر عن فضائح سوناطراك التي عجلت برحيله من الحكومة واستخلافه بالوزير يوسف يوسفي. وكان النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر بلقاسم زغماتي قد صرح مؤخرا أنه تم فتح تحقيق قضائي في إطار القضية المعروفة أيضا بسوناطراك 2. وجاء في بيان وقعه النائب العام أن الأحداث التي تناولتها بعض وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية “لها صلة مع التحقيق القضائي المفتوح لدى القطب الجنائي المختص لسيدي امحمد (الجزائر العاصمة) في إطار القضية المسماة “سوناطراك 2". من جهته، أعلن وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي الأربعاء الفارط أن الإجراءات الضرورية بخصوص هذه القضية ستتخذ بمجرد انتهاء العدالة من عملها والتحقق من حيثيات القضية. كما أكد أن “تعليمات صارمة جدا" قد أعطيت من طرف السلطات للمؤسسات من أجل “الدفاع عن مصالحها ومتابعة كل شخص يكون قد تصرف خلافا لمصالح مؤسساتنا". وجدد رئيس الجمهورية في رسالته أمس إشادته بدور مصالح الأمن التي وضعت حدا للاعتداء الإرهابي الذي استهدف في جانفي الماضي المنشأة الغازية لتڤنتورين بعين أمناس بولاية إيليزي. وأكد الرئيس يقول “يأبى علي الواجب إلا أن أشيد وأنوه بالضباط والجنود وأعضاء مصالح الأمن ورجال الحماية المدنية الذين نال تدخلهم إعجابنا وإعجاب الرأي العام الدولي". وتابع “لكننا ونحن في هذا الخضم نواجه تحديات أخرى نرى أمننا يتعرض للخطر بين الفينة والأخرى جراء الوضع السائد في مالي على حدودنا الجنوبية وبسبب إرهاب لا يؤمن شره ولا نتهاون لحظة في محاربته"، مشيرا إلى أن “ما وقع بعين أمناس قبل أيام أقام الدليل الأمثل على ذلك، إذ كشف وحشية الفلول الإرهابية وفي نفس الوقت أبرز اقتدار جيشنا وأجهزتنا الأمنية الذين وفقوا جميعهم في التصدي لهذا الاعتداء الذي استهدف إحدى أهم المنشآت في بلادنا". وأردف رئيس الدولة يقول “كما أترحم على أرواح العمال الجزائريين والعمال الأجانب الذين لقوا حتفهم جراء هذا الاعتداء المقيت وأعبر عن إكبارنا وشكرنا للذين استطاعوا بفضل رباطة جأشهم واستماتتهم أن ينقضوا المنشآت وأداة الإنتاج".