صحيفة أمريكية تحلل وثائق تركها الإرهابيون في شمال مالي الهزيمة التي مني بها التنظيم في الجزائر جعلته يغير نشاطاته كشف موضوع تحليلي لموقع هافينتغتون بوست الأمريكي المتخصص في تحليل القضايا الدولية، عن واقع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بعد التدخل العسكري الفرنسي في مالي، وما تبعه من تطورات على الأرض، والكشف عن الوثائق المتعلقة باستراتيجية التنظيم في شمال مالي، عن تغير في إيديولوجية تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بعد أن عبر قائد التنظيم عبد المالك درودكال عن استيائه من تصرفات تنظيمه في التعامل بصورة قاسية مع السكان، لا سيما التنفيذ الصارم لأحكام الشريعة الإسلامية والتي ساهمت في تنفيرهم من أعضائه، الأمر الذي ساعد القوات الفرنسية والمالية في إعادة السيطرة بسهولة على المناطق التي كانت تحت نفوذهم. وأضاف المقال أن هذه الوثائق من الممكن أن تكون كاشفة عن انقسام داخلي في صفوف التنظيم، بين من وصفهم بالبرغماتيين الذين يحاولون كسب ولاء السكان المحليين عبر تفهم عاداتهم والتعامل اللين معهم، والتطبيق التدريجي لأحكام وحدود الشريعة الإسلامية، وبين جناح متشدد في تعامله مع السكان الذي يتبنى التغيير الجذري في تنظيم مختلف مناحي الحياة في شمال مالي. ومن الملاحظات التي استوقفت كاتب المقال هو النشاط المتنامي للتنظيم في شمال إفريقيا، الذي يتزامن مع التراجع الملحوظ في العمليات التي ينفذها على الصعيد العالمي، بعد مقتل زعيمه أسامة بن لادن عام 2011، والهجمات التي تنفذها الطائرات الأمريكية في باكستان، وهو ما اعتبره تراجعا في دور مركز القاعدة وضعف في تنسيقه بين فروعه. وفي هذا السياق أضافت الهافينغتون بوست، أن الهزيمة التي مني بها التنظيم في مواجهة السلطات الجزائرية جعلته يغير من نشاطاته إلى الاختطاف والنشاطات الإجرامية المتواضعة. وبالرغم من البرغماتية التي بدأت تظهر في تعامل قيادة التنظيم، إلا أنه لم يتخل عن فكرة إقامة دولة إسلامية في المغرب العربي، والتي أراد أن تكون مناطق شمال مالي هي النواة الأساسية لها، لكن كاتب المقال اعتبر أن هذه النزعة البرغماتية في تصرفات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لن تصمد طويلا، أمام التطورات العسكرية في شمال مالي، والتي من المرجح أن تعيد نزعة التشدد الى إديولوجيتيه، بعد أن يفقد معاقله هناك وموارده المالية التي يجبيها من السكان المحليين، لا سيما الغرامات التي يحصل عليها عند فرضه عقوبات شرعية عليهم.