أعلن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي عن جزء من إستراتيجيته في شمال مالي، والقائمة على التدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية وعدم التفريط في فرصة إقامة دولة إسلامية بهذه المنطقة، ودعا عبد الملك درودكال أتباعه إلى تفادي استعداء حركة تحرير أزود والتنسيق معها لإقامة قوانين مشتركة ورفض النزاعات التي لا تخدم أي طرف، على حد تعبيره. وجه زعيم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي جملة من النصائح لتباعه بشمال مالي من أجل تجسيد مشروعه في إقامة دولة إسلامية في المنطقة التي أصبحت منذ فترة خارج سيطرت الحكومة في باماكو، وواقعة في يد تنظيمات إسلامية وحركات إرهابية وأخرى ترقية علمانية تتبنى مشروع الانفصال، كما أشاد بما حققه أنصار التنظيم الإرهابي في شمال مالي والذي وصفه ب »الانتصار التاريخي«. ودعا عبد الملك درودكال المكنى بأبي مصعب عبد الودود في شريط صوتي يستغرق 12 دقيقة بث أول أمس على موقع صحراء ميديا ومقره في موريتانيا، تأكد منه الموقع الأمريكي »سايت«، إلى عدم التفريط في فرصة إقامة دولة إسلامية في المنطقة، وطالب درودكال في نصائحه الثمانية أتباعه بتجنب الغرور واعتماد أسلوب التدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية، مؤكدا أن »فرض الشريعة لا يجب أن يقتصر على معاقبة الناس، إنه أوسع من ذلك بكثير« وواصل يقول: »اعلموا أنه من الخطأ فرض كل قوانين الإسلام دفعة واحدة«، ومع هذا اعتبر درودكال أن إغلاق »بؤر المخدرات والكحول والدعارة« يجب أن يتم »بدون انتظار«، ناصحا إياهم من جهة أخرى بتوفير الأمان لسكان المدن التي يسيطرون عليها )تمبكتو وغاو وكيدال( والخدمات الأساسية مثل الصحة والغذاء والماء والكهرباء والغاز والوقود. ونصح زعيم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أتباعه بأن يتركوا لحركة أنصار الدين التي تشارك في السيطرة على المنطقة »مشروع فرض الشريعة« في منطقة أزواد بشمال مالي وأن يهتموا ب »نشاطات الجهاد الشامل ببلاد المغرب الإسلامي«، وقال درودكال موجها نصائحه لمن وصفهم ب »المجاهدين في صحراء أزواد« : »حتى لا تزداد الأمور على حركة أنصار الدين، فمن الحكمة أن يمرر المجاهدون كل نشاطاتهم المتعلقة بمشروع تطبيق الشريعة في إقليم أزواد تحت غطاء حركة أنصار الدين، وأن يبقى غطاء تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي محصورا على نشاطنا في الجهاد العالمي«، مضيفا بأن ما يشهده شمال مالي يعد »فرصة تاريخية ولن تتكرر لإنجاح مشروع إقامة الدولة المسلمة«، واستطرد أبو مصعب عبد الودود أن »التجارب السابقة قد علمتنا، بما حملته من إخفاقات مريرة، أنه إن لم يكن المجاهدون في مستوى التحدي وإن لم يتحلوا بالنضج الكافي من الناحية الشرعية والسياسية والأخلاقية فستضيع الجهود«. وحرص زعيم الفرع المغاربي للقاعدة على حث أتباعه بتفادي أي مواجهة مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد وهي حركة علمانية، الترقية، وهذا ل »تفادي الاستفزازات«، حسب تعبيره. وذهب درودكال إلى أبعد من ذلك في الكشف عن إستراتيجيته في المنطقة، حيث دعا إلى »التعاون من أجل إقامة قوانين مشتركة ورفض النزاعات التي ليست في مصلحة أحد«. وتؤكد تصريحات عبد درودكال صحة كل التقارير الأمنية والإعلامية، والتحاليل التي نبهت في وقت سابق إلى أن المشكلة في شمال مالي لن تتوقف حتى وإن تحقق حلم الأزواد في إقامة دولتهم في شمال البلاد، أو رحبت باماكو بمطالب البعض منح حكم ذاتي للتوارق الأزواد، فالتنظيمات »الجهادية«، سواء تنظيم القاعدة، أو حركة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا المنشقة عن تنظيم دردكال، فضلا عن أنصار الدين، تسعى كلها إلى إقامة إمارة إسلامية بشمال مالي، قد تتحول إلى أفغانستان جديدة، سوف تجلب الدول الغربية التي تبحث عن مبرر للتدخل العسكري في شمال مالي ومنطقة الساحل الصحراوي.