أثارت تصريحات الوزير عبد المالك سلال حول مشروع تعديل الدستور، ردود فعل واسعة لدى الطبقة السياسية، التي لم تستوعب حديثه عن طرح قريب للمشروع على البرلمان دون تحديد أجندة زمنية واضحة لذلك. واستغرب كثير من الأحزاب قول سلال بأن تعديل الدستور بلغ مراحله الأخيرة، في حين يمارس تعتيم كبير حول طبيعة التعديلات وفحواها. وتلح أغلب الأحزاب على ضرورة فتح نقاش مجتمعي وسياسي واسع حول التعديلات المقرر إجراؤها لأن الأصل في الدساتير أن تمر بالتوافق. حزب جبهة القوى الاشتراكية، على لسان أحمد بطاطاش، رئيس كتلته البرلمانية، أكد أن تصريحات الوزير الأول عن إنزال مرتقب لمشروع تعديل الدستور إلى البرلمان، لم تزل الغموض الذي يكتنف عملية تعديل الدستور كما يعتقد البعض، بل عمقته، لأنها أغفلت الحديث عن مواعيد وأجندات محددة وركنت كل شيء إلى المجهول. واستغرب بطاطاش كلام سلال عن إنشاء لجنة تقنية تقوم بتعديل الدستور يجهل الرأي العام الوطني أعضاءها وطريقة عملها، مؤكدا أن تعديل الدستور ينبغي أن يتم في النور وليس من قبل لجنة في الخفاء لا يعرفها أحد. وتحدث بطاطاش عن رفض حزبه للانخراط في أي مسعى من هذا النوع لتعديل الدستور الذي يعتبر أسمى وثيقة في الجمهورية، داعيا إلى ضرورة التوافق السياسي على أجندة التعديل بين مختلف القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني حتى يحظى هذا المسار بالمصداقية. وتساءل بطاطاش عن الغاية من تعديل الدستور، إذا كان لا يهدف إلى إخراج الجزائر من عنق الزجاجة التي تتخبط فيها جراء أزمة الثقة بين السلطة والنخب السياسية والشعب، مستطردا "السلطة ليست لها إرادة سياسية في تعديل حقيقي للدستور الذي هو ثمرة عمل مشترك بين مختلف الفاعلين ولا يقتصر عليها فقط". وحول رأي حزب العمال في تصريحات الوزير الأول عبد المالك سلال، قال جلول جودي، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، إن المشكلة ليست في توقيت عرض التعديل على البرلمان، وإنما في البرلمان نفسه الذي يعتبر فاقدا للأهلية السياسية في القيام بمهمة جسيمة كتعديل الدستور. وقال جودي إن برلمانا جاء بالتزوير وتحكم في تشكيله المال السياسي القذر، كيف لنا أن نستأمنه على مواد دستورية نعتبرها مصيرية لحماية مكتسبات الجزائر؟ ومن يضمن لنا أن هذا التعديل لن يمس المادة 17 التي تحمي الملكية للمجموعة الوطنية؟ لذلك يرى حزب العمال أن تعديل الدستور ليس أولوية في الوقت الراهن، ويطالب بتأجيله إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، حتى يتسنى للرئيس القادم تقديم رؤية واضحة متكاملة حول تصور الدستور القادم للبلاد، ومن ثم يطرحها على النقاش السياسي والمجتمعي للخروج بدستور يلتف حوله الجميع. ويعتقد جودي أن تصريحات سلال بخصوص تعديل الدستور ليست واضحة، لأنها أبقت مسألة تعديل الدستور بيد رئيس الجمهورية الذي لم يتحدث إلى الآن عن المسألة ولا أحد يعلم إلى الآن إذا كان هذا المشروع سيعرض على البرلمان أم على الاستفتاء الشعبي، على حد تعبيره. وعكس ما ذهبت إليه قراءات الصحف الوطنية التي ذكرت أن الحكومة ستعرض تعديل الدستور على الاستفتاء الشعبي استنادا لتصريحات سلال، قال لخضر بن خلاف، رئيس المجموعة البرلمانية لجبهة العدالة والتنمية، أن سلال لم يتحدث عن الاستفتاء الشعبي إلا في حال كانت التعديلات المرتقبة على الدستور جوهرية وتمس بشكل النظام الحالي. ويذهب بن خلاف إلى زن تصريحات سلال لم تأت بأي جديد بخصوص تعديل الدستور، وأبقت على حالة اللبس قائمة لدى الطبقة السياسية، حيث اكتفى سلال، حسب رأيه، بترديد كلام معروف حول قيامه بمشاورات مع قادة الأحزاب وتسليمها إلى رئيس الجمهورية.