^ أجهزة تعقيم طبي صينية تغرق السوق الوطنية وغياب تام للرقابة والتفتيش أمينة عبروش تحولت مصالح طب وجراحة الأسنان على مستوى المئات من العيادات الخاصة، إلى مصدر خطر يهدد صحة المواطن وينقل أمراضا خطيرة وبعضها قاتلة لمن يخضعون للعلاج فيها، حسبما كشف عنه تحقيق قامت به جمعية حماية وإرشاد المستهلك. وفي جولة استطلاعية قامت بها “البلاد" شملت عددا من هذه العيادات أزاحت الستار عن تجاوزات خطيرة تقوم بها عيادات جراحة الأسنان في القطاع الخاص والعام على السواء، تشكل تهديدا مباشرا على صحة المرضى لدرجة يمكن إصابتهم بأمراض قاتلة تنتقل عبر الدم. ومن خلال استطلاعنا وعلى ضوء التحقيق الذي قامت به جمعية حماية المستهلك في عدد من العيادات المتواجدة بالعاصمة، لاحظنا أن معظم الأطباء يضربون بسلامة الشخص المعالج عرض الحائط، بعدم احترامهم لأدنى الشروط الصحية، حيث إن النظافة في هذه العيادات شبه منعدمة، في حين تبقى مصالح وزارة الصحة مجرد متفرج على هذا الوضع الخطير دون أن تتخذ أي إجراءات كفيلة بضمان أبسط حق للمواطن، وكأن الأمر لا يعنيها بتاتا شأنه في ذلك شأن جملة المشاكل و«الأمراض" التي استشرت في كيان الصحة في بلادنا، واستعصى حلها رغم قوانين الإصلاحات التي توالى تكديسها على وزراء تداولوا على هذا القطاع الحساس دون أن يتمكن أحد منهم من “معالجة" أسباب “علته". ورغم أن مختلف الأطراف المعنية بقطاع الصحة من طاقم طبي ونقابيين كانت تنتظر من “الوافد الجديد" على وزارة الصحة عبد العزيز زياري أن يخرج قطاع الصحة من “غرفة الإنعاش" التي يرقد فيها منذ عهدة سابقه جمال ولد عباس، ورغم المهلة التي منحت لزياري لبحث الحلول الكفيلة ب«إصلاح" المنظومة الصحية، إلا أن الوضع في مستشفياتنا ازداد سوءا، ولسان حال مرضانا ينادي “أنقذونا… نقصد الطبيب لمعالجة أمراض بسيطة فنصاب بعدوى فيروسات قاتلة". غياب تام لمفتشيات المراقبة التابعة لمديريات الصحة من يرى ما يحدث في العيادات الطبية الخاصة والعمومية يتساءل عن دور مدراء ومفتشي الصحة وما الذي يشغلهم عن وضع حد للمستهينين بصحة المواطن، وفرض احترام معايير النظافة والصحة ومعاقبة كل من لا يلتزم بها. فمعظم جراحي الأسنان العاملين في القطاعين العام والخاص يفتقدون للضمير المهني والأخلاقي، باستعمالهم معدات طبية ذات الاستعمال الواحد مثل القفازات والأكواب وغيرها على أكثر من مريض غير مبالين بما ينقله هذا من عدوى أمراض خطيرة وأخرى لا شفاء لها على غرار التهاب الكبد الفيروسي الذي ارتفع في السنوات الأخيرة بشكل رهيب ومعظم حالات الإصابة به يرجع سببها إلى إغفال أطباء الأسنان تعقيم الأجهزة عقب كل استخدام. ولا تقتصر حالات انتقال العدوى على التهاب الكبد بل نجد أيضا داء السل، السيدا، الحصبة والحصبة الألمانية، التهاب السحايا، البوحمرون، الأنفلونزا بأنواعها، وشلل الأطفال. وبهذا الخصوص أوضح رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك الدكتور مصطفى زبدي أنه “لا يمكن القول إن مصالح المراقبة لا تقوم بعملها لكن مفتشيها لا يقومون بعمل مدقق وعميق مثل مراقبة إذا ما كان القفاز استعمل مرة واحدة أو عدة مرات كما أنهم لا يتقربون من المرضى لسؤالهم…". عمادة أطباء الأسنان: “غالبية أجهزة التعقيم في المستشفيات الجزائرية غير مطابقة للمعايير الدولية" من جهته، أكد عميد أطباء الأسنان الجزائريين الدكتور مغراوي في حديث ل«البلاد" أن ظاهرة انعدام النظافة موجودة في المستشفيات العامة قبل الخاصة وهي راجعة لغياب الضمير المهني، ومع هذا فإن العمادة لا تتلقى شكاوى كثيرة بهذا الخصوص لأن المريض غير واع بحقوقه. وكشف الدكتور مغراوي أن معظم أجهزة التعقيم المستعملة في الجزائر مقلدة أو صينية المنشأ وغير مطابقة للمعايير، مضيفا أن معظم الأطباء الخواص لجأوا إلى حيلة اقتناء جهاز تعقيم صيني لأن تكلفة الجهاز الأصلي مع كامل ملحقاته 80 مليون سنتيم، ووزارة الصحة قبل أن ترغم الخواص على اقتنائه أكدت على لسان وزيرها السابق جمال ولد عباس تعهدها بناء على اتفاق مشترك مع وزارة المالية تمكين هؤلاء من الاستفادة من قروض حسنة بدون فوائد، لكنها لم تلتزم بالتعهد الذي يبقى مجرد حبر على ورق. أما النقابة الوطنية للممارسين الأخصائيين في الصحة العمومية، فترى أن السلطات تجبر العيادات الخاصة على اقتناء آلة التعقيم وفي المقابل تغفل القطاع العام الذي لا يمتلك ما يكفي من أجهزة التعقيم الصحي. وتضيف النقابة أن مشكل التعقيم الصحي في بعض المصلحات والمستشفيات لا يقتصر على الأجهزة فقط، حيث يُجهل أحيانا استخدامها، بالإضافة إلى كون عدد معتبر من الأطباء والممرضين لا يحترمون معايير النظافة وهم غير مكونين بالقدر الكافي في هذا الشق كما لا يوجد مستخدمون مؤهلون يقومون بأعمال تعقيم العتاد الطبي.