نزلت أسهم الدراما السورية إلى ما لم يكن متوقعا بسبب موجة “الربيع العربي” التي طالت أغلب بلدان المنطقة العربية التي لا تزال بعضها تشهد هذه الموجة والتي أثرت سلبا على الصناعة الدرامية والسينمائية في تلك البلدان. ولعل ما حدث ويحدث في سوريا اليوم أفضل دليل على ذلك التراجع المخيف وغير المسبوق للدراما خاصة أنها كانت تحتل الصدراة، وخصوصا في مواسم رمضان، إلى جانب كل من الدراما المصرية والخليجية التي ينطبق عليها اليوم المثل القائل “مصائب قوم عند قوم فوائد”. ويبدو أن إرهاصات “الربيع العربي” لم تقتصر على توقف عجلة الإنتاج الدرامي فقط، بل لاحت بمخاطرها إلى أبعد من هذا، وذلك إلى حيث تحول فنان الصف الأول إلى مجرد ممثل ثانوي أو “كومبارس” ضمن مسلسل تعود أن يكون هو بطله ومحركه الأساسي في وقت أصبح يبحث هذا الفنان “النجم” عن جهة تتبنى موهبته التي أحيلت على التقاعد في سن جد مبكرة بالنظر إلى سوء الأوضاع الاقتصادية والأمنية في بلده. والظاهر أن نجم “الكوميديا” النقدية السورية ياسر العظمة وصاحب رائعة “مرايا” التي كانت المتنفس الوحيد في سوريا لانتقاد الفساد وأحيانا النظام، خير دليل على هذه “النكبة” التي ألمت به وبنظرائه فناني الصف الأول، وذلك حينما قرر الإقامة في الجزائر رغم أنه يدرك مستوى صناعتها الدرامية “العقيم”. ووفق ما تم الحديث عنه إلى غاية الآن، فإن العظمة جاء باحثا عن “فرصة” فنية رغم “نرجسيته” وكبريائه الذي يعرف به، ضمن مستوى لم يتعود أن ينزل إليه بعدما كان منتج سلسلة “مرايا” وبطلها الأوحد في إطار ما يسمى ب”البطولة الانفرادية” التي لا يقوى على تجسيدها إلا قلة وبدون منازع، محققا بها نجاحا منقطع النظير. ولم يكن لهذه القامة الفنية من بد إلا تغيير وجهته إلى إحدى دول الخليج لأن كبريائه أملى عليه رفض هؤلاء منحه البطولة المطلقة التي تعود عليها، في حين قدر أن الجزائر ستفعل بالنظر إلى فارق المستوى بين الدراما الخليجية والجزائرية. من ناحية أخرى، لا يتوقف الحال عند اسم الفنان ياسر العظمة الذي قد يحمل الكثير من صفاة اسمه، حيث سبقه إلى هذا المنشد السوري عماد رامي الذي دخل الجزائر في زيارة مفتوحة تاركا قرار العودة إلى بلده محسوما في يد مفجري “الثورة” هناك؛ والحال سواء بالنسبة إلى تقنيين سامين في مجال السمعي البصري وعلى مستوى من الكفاءة ويعملون اليوم بالقنوات الجزائرية الخاصة. ويبقى الكلام عن هؤلاء الفنانين من صميم الحديث عن واقع الدراما العربية السورية والمصرية أيضا التي نزح فنانوها إلى دول الخليج معتقدين أنهم سيجدون لأسمائهم مكانا ضمن “أفيش “الأفلام والمسلسلات” غير أن ما حدث هو أنهم زجوا في أعمال من خلال أدوار ثانوية لم يكن لهم ليفكروا في تمثيلها لولا لعنة “الثورات العربية”. ومن بين هؤلاء الفنانة عايدة رياض التي توجهت إلى الدراما السعودية، فيما توجه الفنان محمود قابيل إلى الدراما اللبنانية، إلى جانب الفنان أمير كرارة ومها أبو عوف التي تشارك في أعمال خليجية والقائمة طويلة.