كشفت دراسة طبية أعدها أطباء خواص مختصون في الأمراض المزمنة في ولاية الشلف، عن أكثر من 70٪ من قاطني البنايات الجاهزة عبر أرجاء الولاية يرقدون في أسرة مصلحة الوقاية من أمراض السرطان بمستشفى البليدة، بعد اكتشاف إصابتهم بهذا المرض الخبيث الذي يقتل أكثر من 70 في المائة من المنكوبين. وقد تحول الوضع الخطير مع مرور الأيام إلى كابوس مزعج لعائلات المصابين بسبب التكاليف الباهظة الخاصة بعلاج وباء السرطان، ووفقا للدراسات الطبية التي كشفت عنها جمعية الأطباء الخواص، فإنه يصعب إحصاء العدد الرسمي للأشخاص المصابين بهذا المرض أو معرفة دقيقة لعدد الأشخاص المتوفين، باعتبار أن المرض الخطير الذي صار يقض مضاجع العائلات القاطنة في البنايات الجاهزة المترتبة عن زلزال الأصنام 1980، لا يمكن معرفته في بادئ الأمر إلا في مراحله الأخيرة بسبب عزوف المصابين عن المستشفيات ووقوع آخرين في فخ التساهل معه. وحسب المعطيات المتوفرة لدينا، فإن غالبية المرضى الذين يتم إسعافهم بمركز مكافحة السرطان بولاية البليدة هم ضحايا البنايات الجاهزة بالشلف وغيرها من الولايات المجاورة كعين الدفلى التي كانت تابعة لولاية الشلف قبل التقسيم الإداري سنة 1984. وتباينت الآراء حول أسباب تدفق عدد معتبر من سكان الشلف على هذا المركز المختص في علاج أخبث الأمراض القاتلة التي انتشرت في الشلف في لمح البصر بمعدل وفاة 5 إلى 10 حالات في السداسي الواحد. ففي الوقت الذي توعز بعض الجهات هذا الكم الهائل من المصابين بالسرطان إلى الوضعية الهشة التي آلت إليها البنايات الجاهزة بعدما تعدى عمرها الافتراضي ثلاثة عقود على تركيبها، وجهات أخرى ربطت الوضع بوجود عوامل أخرى كنوعية المياه والأحداث الأليمة التي عاشتها المنطقة خلال العشرية الحمراء. ولكن هناك كثيرين يرون أن وضعية المباني الجاهزة التي تطوق أرجاء الولاية بمجموع 18300 وحدة سكنية هي التي أحالت هؤلاء المصابين على مصحات مركز مكافحة السرطان لأن البنايات تحتوي على مواد مسرطنة كمادة الأميونت العازلة. وحسب الدراسة الطبية التي هالت الرأي العام المحلي، فإن الولاية التي تضم أقدم الحظائر السكنية التي تعود إلى تاريخ 1980، لم تنل حقها من الرعاية الطبية اللازمة وأن سكان “البراريك” يموتون في صمت بطيء، مما أدى إلى تفاقم محنهم وآلامهم جراء إصابتهم بمختلف الأمراض المزمنة كداء السرطان، وتجمع الشواهد والدلائل في الشلف أن السواد الأعظم من المصابين بداء السرطان يعانون من مشقة التنقل إلى الجزائر العاصمة والبليدة ووهران للخضوع للرعاية الطبية، كما أنه يجب عليهم الانتظار طويلا للحصول على مواعيد طبية محددة بسبب اكتظاظ مختلف المراكز المختصة في مكافحة هذا المرض الخبيث، بالإضافة إلى صعوبة تنقل هؤلاء المصابين بسبب إصابة بعضهم بالشلل. وتضاف إلى هذه المحنة المؤلمة التي يعاني منها مرضى السرطان من فئة القاطنين في البنايات الجاهزة، مرضى السكري وارتفاع الضغط الدموي، القصور الكلوي، والمرضى الذين يعانون من مشاكل القلب، حيث تتفاقم محنهم بسبب النقص في عدد الأطباء الأخصائيين في الولاية سواء في القطاع العام أو على مستوى العيادات الخاصة، على الرغم من تدشين مستشفى ضخم في الولاية قبل شهرين بميزانية 450 مليار سنتيم.