تميزت التغطية الإعلامية لبعض وسائل الإعلام الثقيلة في المشرق العربي بالانحياز المفضوح للجانب المصري في التعليق على الجريمة التي تعرض لها الفريق الوطني الجزائري أمام الفندق بالقاهرة.انحياز الإعلام العربي كان واضحا خلال كل المدة التي سبقت حادثة الاعتداء، مع ذلك بقيت الأمور عند الإعلاميين الجزائريين في إطار الترفع عن شيء من الذاتية التي قد يعجز الصحفي مهما كانت أهمية المؤسسة التي يشتغل فيها من الوقوع في فخها. غير أن تعاطي ذات الوسائل الإعلامية مع حادثة الاعتداء بمنطق التسويق لأكذوبة امرأة العزيز التي راودت يوسف عليه السلام واتهمته زورا لولا أن قميصه كان قد كشف مؤامرة زوجة عزيز مصر. وذلك حين راحت بعض هذه القنوات تجعل خبر الاعتداء على الجزائريين المعترف به مصريا في نفس مستوى اكذوبة اقتلاع اللاعبين الجزائريين لمقاعد الحافة وكسرهم زجاجها. ومهما يكن من أمر، فإن اقتلاع مقاعد الحافلة -كما يدعيه المصريون وعلى فرض تصديقه- فهو عذر اقبح من ذنب لأن ذالك يعني أن خطيئة المصريين مزدوجة، إذ أنهم بالاضافة الى الاعتداء اساؤوا ضيافة الفريق الوطني عندما اساؤوا اختيار وسيلة نقله، إذ لا يقبل أن تكون الحافلة التي تقل فريقا وطنيا في المرتبة التاسعة العشرين عالميا بمقاعد غير ثابتة في حافلة يفترض فيها أن تسير بسرعة تستحيل معها أن تثبت المقاعد في مكانها ودون مزيد من الخوض في تكذيب أكذوبة المقاعد المتحركة، فإن السؤال الذي يبقى مطروحا هو ما سر تحامل ذات الوسائل الإعلامية الكبيرة بقنواتها الثقيلة على الجزائر والوقوف صفا وراء الجانب المصري حتى في اكاذيبه وخطاياه ولو بقي الأمر في حدود تمني الفوز لهذا الفريق المصري لكان الأمر متفهما ولكن لا يتفهم أن يكون التحامل والاصطفاف وراء القاهرة حتى عندما ترتكب هذه الأخيرة خطيئة الاعتداء على ضيوفها وتمتهن سياسة قلب الحقائق والمرفوض في سلوك هذه الأوساط الاعلامية ليس أن تتمنى فوز مصر على الجزائر وهو ما يمكن أن يتفهم كما سبقت الاشارة إليه وإنما المرفوض أن تشارك ذات الوسائل الاعلامية السلطات المصرية قلب الحقائق والأمر لا يحتاج إلى ذكاء خارق لاكتشاف سر الإخلال بالمهنية الإعلامية عند هؤلاء الإعلاميين. خاصة عندما يدرك للأسف بأن هذه الامتدادات المعبرة بالوكالة عن مواقف سياسية لبلدان معينة شريكة النظام للمصري المرفوض مصريا في مسار ترفضه الجزائر، إنه مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني فالقاهرة تكفي هذه البلدان شر التطبيع جهارا مع اسرائيل ومن ثمة يمكن فهم سر اصطفاف هذه الوسائل الاعلامية وراء المصري المطبع بامتياز والحامي لمصالح اسرائيل، فالذين اغتالوا شقيق سامي ابو زهري تعذيبا وادعوا انه مات ميتة طبيعية، بامكانهم الادعاء بأن الجزائريين افتعلوا الحادثة وهشموا رؤوسهم بأيديهم. وغير بعيد عن التطبيع مع اسرائيل، فإن موقف الجزائر الثابت والداعم لحق ايران في امتلاك التكنولوجية النووية لأغراض سلمية مدنية لا يخلو هو الآخر من التأثير على الموقف الاعلامي العربي ولحسن الحظ ليس على عمومه وإنما عند الذين لا يريدون لدولهم أو أي بلد إسلامي أو عربي آخر أن يتحرر من التبعية للغرب بزعامة امريكا، الراعي الرسمي للنظام العالمي الجديد. وللاسف التطبيع والموقف من النووي الايراني يتبعه موقع الجزائر في المغرب العربي وعودتها إلى الساحة الدولية بعدما كانت محل تشفي من بعض ما يسمى بالاشقاء قبل الاعداء، نتيجة ما مر به الشعب من مأساة خلال العشرية الماضية وعودة الجزائر، تعني عودة المغرب العربي وإذا تحركت الجزائر تحركت معها إفريقيا وهو ما يهدد زعامات إقليمية بنت ريادتها على الأوهام. ومع كل هذه التجليات، فقد حرص الجانب الرسمي في الجزائر على الابقاء على المقابلة بين الجزائر ومصر في حدود مجالها الرياضي الذي ينتهي بفائز ومهزوم لا تتوقف عنده الأرض عن الدوران ولا عجلة الزمن عن السير إلى الأمام إلا استثناءات سرعان ما عادت الى الرشد حين نبهت إلى أن مثل السوء من بعض وسائل الإعلام المصري لا يمكن أن تكون نموذجا يحتذى به ولكن للأسف حادثة الاعتداء كانت نقطة الانعطاف التي كان ينبغي أن تكشف في ظله بعض الحقائق المرة التي تنجر عن الخلط بين السياسة والرياضة او بالأحرى قضاء مآرب سياسية سرا بتوظيفات رياضية جهرا.