امبراطور عنابة المنتهية ولايته على رأس نقابة الحجار سابقا، وبعد أن عاد يضرب بالخمسة في شقة، دخل مثل أميناتو حيدر في إضراب عن الطعام... أمّا إمبراطورة الثورة جميلة بوحيرد التي سكتت دهرا، فقد نطقت كفرا وأرسلت نداء استغاثة تطلب النجدة، بعد أن تحالف ضدها المرض والفقر! فهل ثمة علاقة بين الإثنين في جزائر لايعرف فيهاالواحد الصح من الكذب؟! كل من نطح... فقد نجح !! أمّا الصحّ في ''الكورة'' فقد عرفناه من أفواه ''البلطاجيّة'' وبان في السودان وليس في قاهرة المعز، وفي أم درمان تحديدا! وطريقة الظهور هناك لاتدعو للشك أو المجادلة، فقد ذهب أولا سعدان المدرب الوطني إلى هناك ليلعبوا ولم يذهبوا للملعب كما حدث في مصر، والفرق واضح جدا مابين الذي ذهب ليلعب والذي ذهب للملعب بصفته لاعبا، وليس متفرجا! لأن المتفرج دائما وفي كل الأحوال عارف وفاهم وقادر أيضا، ويعرف نقاط الضعف من القوة مثل ماجر مدرب الجزيرة مثلا! فالذي يلعب يضع فكرة ''ارفع راسك يا اباه'' في عقله، أي أن نيّة الجهاد في الملعب مقدرة كهدف للكسب، عكس الذي ذهب للملعب طالع، هابط وهو خائف على رجله وحتى صباطه، أو حتى خائف من ظله... فهذا الرهط بالتأكيد لامحالة خاسر، وسيجد أمامه أمثال ماجر المعلق الرياضي في تلك الجزيرة (غير التائهة) لكي يمرغ أنفه في الوحل والطين، وإن أمكن في الرمل... قبل أن يقفز ثمنه حتى هو ليستوي الكيلو منه عندنا مع كيلو الإسمنت (غير المسلّح) بعد أن استولى عليه المضاربون وفرضوا قانونهم وربما انضموا إلى قائمة الأثرياء الجدد والدولة تتفرج عليهم على اعتبار أنها دولة ''الله غالب''! وبين قوسين ضرب الأنف أصبح موضة إيطالية بعد ضرب ''الدماغ'' كما علمنا إياه اللاعب الدولي الفرنسي من أصل جزائري زين الدين زيدان... فهذا الأخير حتى هو نطح طلياني... ويكون الطلياني الذي هشم أنف برلسكوني رئيس الوزراء الإيطالي المثير للجدل بتمثال قد تعلم من تلك النطحة الشهرة! فالمهم الآن أنه ''أنطح تربح''! فهو شعار يصلح للمرحلة القادمة والحالية والسابقة، وعلى الدوام على مايبدوا! وعودة للفرق بين الذي جاء يلعب وجاء للملعب وهو لاعب، أن أحدا نقل عن عمّنا سيدي السعيد الذي قرر حتى هو تأسيس فيدرالية وطنية ''للحيطيست''، أي البطالين قوله، وهو يضكك على العامل بسبب كسله أن الجزائري يقول حتى يذهب للعمل إنه ''رايح للخدمة'' وليس ليخدم! الذاهب للخدمة معناه ببساطة أنه ذهب هو هناك بجسده فقط ليثبت حضوره.... تماما مثل ذلك العساس الذي جاء في أول يوم من استلام عمله الجديد ومعه زاورة لكي يعس... أي لينام! أما الذاهب لكي يخدم، فهو يقصد أنه يتحرك من أجل أن يؤدي مهمة نبيلة إسمها العمل والجد والإخلاص.... فكرامة الإنسان من الذي يؤدبهه ولا كرامة لبطال يعيش عالة علي غيره ! لكن الذي لم يطرحه سيدي السعيد على غيره وليس على نفسه لماذا يذهب الجزائري للخدمة وليس يذهب لكي يخدم؟ الجواب يعرفه سيدي السعيد الذي يحضر مرة في العام ليناقش فوق الخوان مسألة إسمها الحدّ الأدنى من للأجور، وبالتالي الأجور نفسها العامل الجزائري لايعمل لأن عمل شهر لايشبع بطنه خمسة أيام، في حين أن العامل الإنجليزي يعمل يوما واحدا فيكفيه ذلك اليوم كسب قوت شه.... خبزا ولحما وغلال وخضرا! أين عيسى من الجميلات!! لم يعد إسم عيسى منادي خافيا على الكثيرين، فإمبراطور مركب الحجار سابقا في عنابة شكل بفضائحه المالية والنقابية انشغال كل من في المركب، وكل من لم يركب أو يركب (بتشديد الكاف) ولهذا بات يعرف بأنه رجل عنابة القوي الذي يحسب له ألف حساب، حتى أنه لم يستسلم ببساطة أمام خصومه من بني عريان ممن خلفوه على رأس النقابة وقالوا إنه نكب حديدها ثم عرج على الهنود كأنهم قوم ثمود وزاد عن حده فجمع ما يكفي من مال قارون وعاث فسادا في''البالون''. وأكثر من هذا أن لا أحد استطاع أن يقف أمامه بعد أن داس العباد وكبل القانون، حتى أوقفه الأمن العسكري باسم شعار لكل فرعون موسى وأخوه هارون! فالرجل نقابي كبير ورجل أعمال ونائب في البرلمان ورئيس فريق رياضي من الدرجة الأولى، أربع مهمات تتعب من يتقنها ويخشاها رجل من طينة الجمل وربما البغل الأقل صبرا وتحملا! فما بالكم بمنادي، وإن كان هناك كثيرون مثله في البلاد! وليس هذا فقط، فمنّادي كما يظهر يملك شقة مفروشة في الشرافة بضواحي العاصمة. والأخبار غير الدقيقة التي تناولتها الصحف (الجزائرية) وليست المصرية بالطبع أن صاحبنا وهو يجاهد في خمس سنوات دفعة واحدة! وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على قوته البدنية والفصلية بدليل أنه لو كان رجل عنابة هزيلا وليس قويا لكان يتعامل بالقطعة في موضوع النسوان، وليس بالجملة! وصخشيا كنت أتمنى أن ينتقل صاحبنا إلى القاهرة، ليس لكي يقدم التعازي النقابية والنيابية لإخواننا في مصر، وإنما لكي يحضر مؤتمرا هناك نظمه العرب حول التحرش الجنسي. فهو اكتسب تجربة كبيرة، في هذا الميدان والأجدر به أن يعرضها على المشاركات والمشاركين في المؤتمر.... وتصلح لكي تكون نموذجا للرجل العربي الذي قفز قفزة فأصبح ''حاجة'' مثل جاجة في الدزاير وصاحب جاه ومال وسلطان.... فكيف لايغتصب هو وأمثاله النسوان بعد أن اغتصبوا بلدانا بكاملها باسم الخوصصة والشراكة واستقلالية التسيير وأملاك ''البايلك'' فأين إذن العجب في الموضوع حتى وإن كان منادي كسب ولم يجاهد ولم يتعب؟ وجه العجب أن منادي هذا دخل في إضراب (غير مفتوح) عن الطعام الى أن يستلم المال (الموعود) من فم الهنود الذين يرقصون الثعابين وحتى الشياطين! وهذا فمن محاولة منه لاتباع خطى المناضلة الصحراوية أميناتو حيدر وعلى أساس أن حيدر أو حيدرة مضافة إليها تاء التأنيث وحتى الأثرياء وبعض الزوالين في الجزائر غير بعيد عن حي الشرافة التي أظهر فيها صاحبنا تميزه الجسدي والأخلاقي! باعتباره ممثل الشعب ''الخديم'' كما يقول المرحوم سيراط بومدين (غير المستقيم)! أما وجه العجب الآخر الذي يندى له الجبين ويجعل الواحد فينا يندب، أن مجاهدة من الرعيل الأول كانت إلى وقت قريب تبدو كالشبح وبعضنا ظن بالفعل أنها شهيدة، خرجت من جحرها في حي المرادية المحاذي لوزارة الخارجية ووجهت نداء استغاثة على شاكلة الحرافة تطلب النجدة، فقد وقع القارب في أعطال وذهبت الصحة، وليس هناك مال.... فمن ينقذ رمزا يعرفه الناس جميعا في الجزائر وفي الشرق والغرب باسم جميلة بوحيرد؟ فقد شكلت خرجة هذه الجميلة صدمة لم يتوقعها أحد، بالنظر للهالة الإعلامية التي صاحبت هذه المرأة... فالمخرج يوسف شاهين خصص لها فيلما والشاعر نزاز قباني قال فيها قصيدة.... وهي ظلت ساكتة صامتة لم تشكر ولم تمدح ولم تقدح أحدا، فماذا لو أن جميلة بوحيرد استغلت هذه الهالة الإعلامية التي صاحبتها منذ السنوات الأولى، وقررت على شاكلة كثير ممن يرفعون اليوم شعارات الجزائر في القلب... وانحبك ياشعب (يضم حرف الشين) استثمار الجهاد الأصغر (وقت حرب التحرير) في الجهاد الأكبر للنفع الخاص؟ لو فعلت جميلة بوحيرد ذلك في مجتمع يحكمه الجلهلة والأميون، ويدور المال بينهم كما تدور الإبل والشياه بالخيام، فإنها قد تحصل على الامتيازات الآتية... قد تصبح نائبة عند غرفة بن صالح للتسجيل الصوتي.... مثل زوجة بيطاط مثلا. قد تملك شقة من طراز رفيع ليست بعيدة عن شقة منادي في الشرافة! قد لاتحتاج لإطلاق نداء استغاثة طلب للمساعدة للعلاج في الخارج (بسبب فشل الداخل)، قد تصبح على أقل تقدير مثل حسيبة بولمرقة العداءة الدولية السابقة ثالث مستورد للأدوية في الجزائر، فكيف لايدوخ الواحد وهو يرى العجب العجاب في دولة المفاهيم المقلوبة أكثر مما يدوخه انقلونز الخنزير والطير والكلب والماعز، وأكثر مما يفعله الخضار والتاجر والترابندي من فتوحات يومية.... دون أن يسأله أحد إلى أين تذهب الجزائر كما قال بوضياف الذي ذهب ولم يعرف الجواب؟