شرعت أمس حركة مجتمع السلم في تنظيم جلسات تقييم لأدائها السياسي في نظر الآخر المغاير داخل المجتمع الجزائري. قال محمد جمعة، الأمين الوطني للإعلام، إن جلسات التقييم الأولى من نوعها في الحركة، ستشهد ثلاث ورشات، ستخصص الأولى لنظرة الرأي العام الوطني لحركة مجتمع السلم، بحيث سيقدم الأستاذ عبد العالي رزاقي مداخلة يقدم فيها وجهة نظره، قبل أن يفتح الباب للمناقشة وكذلك الأمر بالنسبة للورشة الثانية التي ستخصص للوقوف على مدى تجذر حركة الراحل محفوظ نحناح في المجتمع الجزائري، وسيتولى الحديث حول هذا الموضوع الدكتور ناصر جابي المختص في النزاعات الاجتماعية. بينما سيتطرق رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور لمناحي أداء حركة مجتمع السلم في الجانب الاقتصادي والسياسي، بحيث سيكون محور المشاركة السياسية أحد أهم الملفات التي سيقف عندها المشاركون كثيرا. وسيشارك حمس في جلسات تقييمها تلك أكاديميون وسياسيون وإعلاميون ومجموعة من المختصين في الشأن السياسي وغيرها من المجالات الأخرى. ويبدو -حسب القراءة الأولية للمبادرة الحمساوية الأولى من نوعها في أدبيات النشاط السياسي والحزبي في الجزائر- أن جلسات التقييم هذه وإن أخذت طابع النشاط الداخلي، إلا أنها تعتبر بمثابة خطوة مهمة عند المتتبعين لمسار انفتاح حمس على رأي الآخر المغاير، خاصة بعد مضي قرابة العقدين الكاملين على الأداء السياسي العلني. من جهة أخرى، تبدو أهمية المبادرة الحمساوية عندما ينظر إليها من زاوية بداية بروز ملامح مؤشرات انتهاء عهد وبداية عهد جديد في الحياة السياسية الجزائرية وما يفرض ذلك على الأحزاب السياسية التي تريد أن تكون رقما فاعلا في المشهد السياسي الجزائري، على غرار حمس من ضرورة الإعداد والاستعداد للانخراط فيما أضحى وشيكا في الجزائر لا محالة، برأي الملاحظين. وبالنظر للمحاور التي قصدت حمس تسليط الضوء عليها في جلسات التقييم قبل أقل من سنتين أو ثلاث على المواعيد الانتخابية المقبلة، يبدو جليا أن قيادة حمس قد قصدت التسديد والمقاربة السياسية دون الاكتفاء بما توفر لديها من معطيات تكون قد جمعتها مراكز الرصد في حمس. كما تتجلى أهمية المسعى الحمساوي الرامي إلى تقييم الأداء في ظل المعادلة ''المستحيلة'' التي اعتمدتها حمس لتكون بوصلة لأدائها السياسي والمتمثلة في المشاركة المتميزة عن مشاركة الأفلان والأرندي من حيث الحذر من أن تكون هذه المشاركة على حساب الطابع الشعبي للحركة من جهة ورغبة البقاء في المعارضة من جهة أخرى، وهو الأمر الذي لا يتسم دائما بالوضوح، مما يدفع بحمس لضرورة التسديد والمقاربة أكثر من غيرها من الأحزاب الأخرى التي اختارت ''التطرف'' في المشاركة أو تلك التي ليست مشاركة. علما أن مشاركة حمس في الحكومة قد تجاوزت العقد من الزمن. ومهما يكن من أمر، فإن مبادرة حمس جديرة بالاحترام وبأن يحتذى بها لدى الأحزاب السياسية الأخرى، خاصة وأن الجزائر -كما سبقت الاشارة إليه- لا محالة بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة ستتغير فيها عدد من المعطيات والعناوين السياسية.