عدد فلاحي جماعة عليوي ممّن بشرهم السلطان بمسح الديون يفوق 180 ألف رأس، في حين أن عدد هؤلاء بالنسبة للوزير بن عيسى لا يتجاوز 110 ألف رأس، أي بفارق 70 ألف فلاح قد يصعب العثور عليهم لو مشى الواحد في الشارع، وحمل معه شمعة في وضح النار، ومعرفتهم على حقيقتهم لو عرضتهم على جهاز كشف الكذب! وهو فارق كبير لا يبدو أنه يثير أحدا، بما فيه عمال المسح في بنك بدر الذي لا يطلع بدره إلا عند الفجر! الفلاح في الجزائر غير محدد وغير معروف كوجه الخروف.. وفي العادة لا يظهر في المناسبات إلا وهو مكستم مكرفت كأنه مدير أو يجول في قلب العاصمة وحيدرة وعلى مقربة من إقامة الدولة كأنه سفير فوق العادة! والصحفي في الجزائر غير محدد ومعروف وقس على ذلك، الفنان والممثل والكوميدي فهم غير محددين مهنيا، فلا هم ماصوات ولا هم عمال ولا هم حرفيون رغم أن الواقع في دول أخرى يصنف الفنان كعامل وما ينتجه بصناعة قابلة للبيع والشراء، ولهم نقابة وحقوق وواجبات وأجرة معلومة كأجرة الكوراجية! أي أصحاب الكرة ممن يكتسبون الملايين بركلات الأرجل، وليس بعصارة المخ! وعندما تؤخذ البطاقة كعنوان كبير لتثبيت المهنة، بما فيها الفلاح، والصحفي والفنان تكون المحصلة أن عدد هؤلاء يتمدد ويتقلص حسب المصلحة. وحسب صلاحيات البطاقة نفسها وما توفره من امتيازات ! ولهذا لم يعد الفلاح هو من يخدم الأرض، (وعادة أهملها أو رهنها لغيره أو باعها) وإنما هو الذي يستخرج بطاقة ولو كان يعمل في حقل النفط والتكرير أو يدير شركات في مجال الاستيراد والتصدير! ولهذا أيضا عجزت الحكومة عن إيجاد بطاقة للصحفي، وليس مسكنا أو ظروف عمل ملائمة. فقد اختلط الصحافيون أنفسهم بين من لم يكتب حرفا واحدا ولم نر له رأيا أو بين من مارس مهنة الطبّال والزرناجي! وعندما يصبح الخلط قائما ومريبا داخل الفئات المهنية المختلفة، بما فيها المهن التي تعول عليها الحكومة لإنقاذ البطون من مجاعة آتية لا ريب فيها، بالنظر إلى سياسية البريكولاج على طريقة الأميار مع الكاريلاح فإن ذلك يعكس الضبابية العامة التي تميز الممارسة السياسية في البلاد القائمة على الارتجالية والحسابات خارج الواقع والمنطق. وهي السياسية التي أفرزت لكل مهنة آفتها من جنسها من الفلاحين والمزيفين بالآلاف، إلى المستفيدين من السكنات الشاغرة بعدد مليون ونصف مليون .. على وزن عدد الشهداء!