سباق محموم يجري حاليا بين الأحياء الشعبية الهشة وأحياء القصدير موضوعه من هي الجهة الأحق بالسكن من غيرها· هذا ما يحدث في العاصمة وعدد من الولايات، بعد أن أعلن عن بداية ترحيل سكان حي ديار الشمس الذين قاموا بانتفاضة شعبية قبل أشهر كللت بتلبية احتياجاتهم قبل أن تصبح مصدر إلهام لباقي الأحياء، وهو ما يضع الهيئات المعنية في موقف حرج بسبب قوة الضغط الشعبي من جهة، وعدم القدرة على الاستجابة لكل هذه الطلبات المتزايدة الأمر الذي جعل السلطات تعرض مخططا للإسكان، مع الحفاظ على الأمن العام· هدد العديد من المواطنين المسجلين على قوائم الاستفادة من السكنات التابعة لوكالة ''عدل'' منذ سنة ,2001 بنقل احتجاجاتهم إلى رئاسة الجمهورية وذلك في حال عدم صياغة حل نهائي على مستوى وزارة نور الدين موسى شهر أفريل المقبل· أبدى ضحايا مشاريع الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره، استياءهم الشديد جراء الغموض الذي يكتنف ملفاتهم على مدى تسع سنوات من الانتظار، حيث كشف أحدهم في حديث ل'' البلاد'' أمس، أن ''أسلوب التطمينات وسياسة التنويم التي تتبناها هذه الهيئة لن تؤتي أكلها هذه المرة، وجميع المسجلين على قوائم سنة 2001 عازمون على انتشال حقهم الضائع والمهضوم من طرف رؤساء الوكالة''، مضيفا '' إن سد قنوات الاتصال بين المحتجين والدوائر المسؤولة على التحكم في الملفات الخاصة بالسكنات سيوسع فجوة الاعتصام ويرفعها إلى درجة أعنف، لذلك فعلى ممثلي وكالة ''عدل'' أن ينتهجوا سياسات بناءة أثناء التعاطي مع هذا الملف الذي أرهق جميع المواطنين المدرجين ضمن قوائمه''· وتشير المعطيات الراهنة أن إستراتيجيات وكالة ''عدل'' في التعاطي مع ملف توزيع السكنات للمسجلين على القوائم سنة 2001 ''عقيمة'' ولا تستند على معايير موضوعية ودقيقة، والدليل أن العديد ممن أودعوا ملفاتهم في السنوات اللاحقة قد تحصلوا على سكن، وهو الأمر الذي لم يستصغه المحتجون، وقد حاولت ''البلاد'' سابقا البحث عن تفسير هذا الاختلال الواضح، إلا أن رد المكلفة بالإعلام على مستوى الوكالة، (ل·بورنان) لم يكن كافيا أو مقنعا، حيث اكتفت بالقول ''إئتونا بمادة قانونية تمنعنا من منح السكنات للمسجلين في قوائم 2001 قبل السنوات التي تليها''، فبالرغم من أن قواعد وأسس المنطق تقر على وجوب احترام والتقيد بكرونولوجية الأحداث ومنح الأولوية للأسبق إلا أن هذه المسؤولة تتحدى النظريات المعهودة وتسعى إلى فرض رؤيتها الشخصية للتحكم في مصير الآلاف من المواطنين المتضررين! بعد تأخر ''باتيجاك'' في إنجاز مشروع 2364 مسكنا المستفيدون يحتجونسيشن المستفيدون من البرنامج الاجتماعي التساهمي الموكل إلى مجمع ''باتيجاك'' على مستوى الجزائر العاصمة، اعتصاما شهر أفريل المقبل جراء عدم التزام المجمع بوعوده المتعلقة بالشروع في عمليات بناء السكنات ابتداء من شهر فيفري .2009وقد أفاد أحد المستفيدين من البرنامج أن ''الدعم المالي قد حول إلى شركة البناء إلا أنها تأخرت على صعيد الانجاز وهو ما لم نجد له تفسيرا''، مشيرا إلى أن ''مدة إنجاز البرنامج قد حددت ب24 شهرا، أي بمعنى أن تسليم السكنات سيكون في حدود شهر فيفري ,2011 إلا أن أشغال الشركة لا تزال منحصرة في مرحلة الحفر أما الانجاز فنجهل كم سيستنزف من وقت''· وقد حاولت ''البلاد'' الاتصال بإدارة مجمع ''باتيجاك'' للإطلاع على تفاصيل القضية وأسباب التأخر في إنجاز المشروع، إلا أن الرد كان متناقضا، حيث أرجعت المؤسسة السبب إلى عدم تحويل الصندوق الوطني للسكن لإعانة الدولة المقدرة ب700 ألف دينار في الوقت المطلوب مما نجم عنه تعطل على مستوى الأنجاز، إلا أن الغريب في الأمر، أن القرض المقدم من البنك الوطني الجزائري لا يمكن تقديمه إلا عند تحويل المبلغ المالي الخاص بالصندوق الوطني للسكن·انتفاضة سكان البنايات الفوضوية يهدّد الأمن العام وفي نفس السياق انتقلت شرارة الاعتصامات وسلسلة الاحتجاجات المتعلقة بأزمة السكن، إلى قاطني البنايات الفوضوية عبر الوطن، كوسيلة للتعبير عن تذمرهم تجاه التقاعس المستمر للإدارة في تلبية مطالبهم المرفوعة إليها·فمن انتفاضة ديار الشمس بالمدنية، التي هزت الرأي العام وتصدرت افتتاحيات الصحف، والتي انتهت بإقناع المسؤولين بوجوب تنسيق الجهود من أجل تنظيم حراك جاد تجاه حل معضلة السكن نهائيا بالحي عبر ترحيل المئات من المواطنين إلى تقصراين بمقاطعة بئر خادم، إلى الاحتجاج العنيف الذي شنه سكان الأحياء القصديرية في القبة بعد اتهامهم للسلطات المحلية بالتواطؤ المفضوح وعرقلة ترحيلهم إلى السكنات الاجتماعية·كما اعتصم قاطنو حي الرملي بالسمار بقوة ودخلوا في مناوشات مع أعوان الأمن الوطني، وترجع موجة غضبهم أساسا إلى عدم استفادة الحي الفوضوي من عملية ترحيل شرعية منذ الثمانينيات· أما على مستوى ولاية وهران، فقد خلفت الحركات الاحتجاجية العنيفة لسكان الأحياء الفوضوية خلال الشهر الجاري العديد من الضحايا الذين دخلوا في موجة غضب عارمة حيال تهميش مطالبهم في الاستفادة من سكنات منذ العديد من السنوات· ويرجح التحليل الموضوعي للأحداث، أن تنعكس الانتفاضات المتكررة لسكان الأحياء القصديرية سلبا على الأوضاع الاجتماعية العامة للبلاد، فحسب المختصين الاجتماعيين، يمكن للاحتجاج العنيف أن يتحول إلى تمرد وانفلات للأوضاع الأمنية مما يتسبب في خلق ثغرات يصعب سدها مستقبلا، لذلك يتوجب الاهتمام الجدي بملف توفير السكنات للمحتجين وأخذ التدابير والإجراءات اللازمة في هذا الإطار لتفادي الدخول في سيناريوهات مجهولة العواقب''·