في بلاد ''أليس في غرب الجزائر''، توصل والي وهران إلى معيقات التنمية ومسببات الأزمة التي تعيشها ''الباهية'' والجزائر ككل، ففي فتوى ''قانونية'' صادرة عن ''سكران'' وهو اسم الوالي أو الولي ''الطاهر''، فإن ''مكبرات'' الصوت بالمساجد وليست بالبارات والملاهي الليلية المتفشية في بلاد سيد الهواري، تحولت إلى مشكلة تحتاج إلى تدخل شخصي من ''سكران'' شخصيا للفصل في مشروعية أن يستعمل الأئمة حناجرهم التقليدية أو يستعينون بالتطور التكنولوجي في مجال ''المكبرات'' لإيصال خطبهم للمصلين المصابين بعلل سمعية. وبين هذا وذاك، كانت الفتوى وكان القرار الصارم من ''سكران'' وهران، بأنه ''لا مكبرات'' في خطب الجمعة بعد اليوم.. أنا مع الوالي سكران، بأن خطب الجمعة التي أمم أفكارها إمام الجمهورية الأكبر غلام الله، لم تعد تحتاج إلى ''مكبرات'' صوت، بعدما أصبحت نسخا طبق الأصل من خطبة واحدة يكتبها غلام الله ويقرأها بالوكالة عنه أئمة ضمتهم الوصاية إلى صنف ''الببغاوات'' المكلفين بمضغ نفس الخطبة من شرق البلاد إلى غربها، في تناغم على أن الوطن ''الديني'' على قلب ''غلام'' واحد. لكن ما أخالف فيه ''سكران'' وهران في اجتهاده الذي سينال عليه إثم الخطأ على الأقل، أن سيادته لم يعمم قرار حظر المكبرات على تقنية ''الديسك جوكي '' بالملاهي و''البارات'' التي لا تنام مراقصها بالباهية وهران، ولكنه اكتفى بدور المجتهد الذي لم يقلقه من ضوضاء وجنون عاصمة ''الزهو'' إلا مكبرات المساجد التي تفطن ''طاهر'' وهران على أنها حادت عن مهمة الآذان لتصبح أداة تشويش بعدما استعملها الأئمة في أغراض خطابية أيام الجمعة، فكان قرار حظره لها بأن تعاد لمكبرات الصوت هيبتها من خلال إعادة هيبة الدولة لها.. إذا أردنا أن نعلل ما يجري في الجزائر العميقة من احتجاجات شعبية ومن انفلات للشارع ومن فوضى عارمة تتجاوز قانون ''العرش'' والطلب، وإذا أردنا أن نعرف لماذا فقد الوطن ثقته في مسؤوليه ولماذا فشلت التنمية بكافة أطيافها، ولماذا أصبح لدينا في كل مؤسسة عمومية عصابة محترفة تتربص بفرصتها في الاقتناص، فيكفي أن نسقط اهتمام وانشغال والي وهران بمكبرات المساجد، على ''مصغرات'' وطن، لنكتشف أن العلة وجذورها في سفاسف أمور حولها ''فراغ'' مسؤولين إلى قضايا وطنية تلغم مستقبل البلاد والعباد، فمثلا ''مكبرات'' الصوت التي جعلها ''سكران'' ولاية وهران، قضيته الحالية باسم القانون، لو نظرنا إليها من زاوية أن ''الوالي'' إياه نسيته الدولة فنسيه مواطنوه ليعود إلى الواجهة من خلال ''مكبر صوت'' أراده أن يبلغ ''ناس'' السلطة -نيابة عنه- بأن تنميته وصلت حتى إلى مكبرات الصوت بالمساجد لا بالملاهي، لو نظرنا إليها من تلك الزاوية، لوجدنا لوالي وهران أكثر من عذر، فلقد طال بالسيد ''سكران'' الأمد ولقد قدم الرجل ما لديه وما ليس لديه. لكن ولأن للدوران في حلقة مفرغة تداعيات تنموية ''نفسيا''، فإنه من العادي أن تزعج ''مكبرات'' الصوت سيادته، فيقرر تقنينها خدمة ''للصائح'' العام... والي وهران نموذج حي لسلك ولاة تاهت بهم سبل الرشاد، فسكران أوصل صوته من خلال مكبرات صوت، وآخرون من نفس فصيلة ''سكران'' اختاروا أن يسبحوا في تنمية ''النافورات'' أو في مشاريع ''المحولات'' التنموية لنصل إلى تنامي ''التماثيل'' فإعلان معارك بورفلة مثلا على المراسلين الصحفيين.. والمهم أن النتيجة واحدة، ''فراغ'' تنموي، أدى إلى فراغ نفسي أوصلنا إلى ''تفراغ'' جنوني لفوضى عارمة حولت ولاة بسطاء إلى ''أمراء'' حقيقيين، لا صوت إلا صوتهم ولا ''مكبر'' إلا مكبراتهم، والذنب ليس ذنب والي ''أركبوه'' ومكنوه ثم ''نسوه'' ولكنه ذنب سلطات عليا شغلتها مشاكلها وبرامجها ''المليونية'' عن المتابعة الصحية لأذهان وعقول مسؤوليها، بعدما حولهم سهوها عنهم إلى ''ملوك'' بالمعنى الواضح والفاضح للكلمة، فمن يتكفل بمعالجة فئة ''الولاة'' من أمراض جنون ''العظمة''، وهل من مشروع استشفائي ذي طابع وطني يعيد لولاة الجمهورية توازنهم النفسي بعدما كانت السلطة سبب ''مرضهم'' وتشتت قواهم بين مكبرات الصوت ومكبرات ''القوت''، وبعبارة أدق متى ترحموا الولاة من أنفسهم فتغيروهم، فلقد ملوا مثل بقية مواطنيهم، نفس الوجوه، ونفس المقاولين ونفس المطالب ونفس القرارات، ونفس الاحتجاجات ونفس الوعود، ونفس ''المصبرات'' والمكبرات، وبالمختصر المفيد.. إنها حلقة ''الفراغ'' والدوران في نفس المكان من أنتجت ''مكبر صوت'' يؤذن في الملأ الأعلى.. أقيلونا يرحم والديكم؟ نهاية الأمر.. للعلم والي وهران ''طاهر سكران'' لم يفعل شيئا سوى أنه مارس سلطته القانونية في إعادة ''المكبرات'' إلى سابق آذانها، لكن السؤال الساذج، ترى ما موقع سلطته في تقنين المكبرات من حماية شباب وهران من ''الحرفة'' ومن الانتحارات ومن التنمية الشاملة التي ينقصها ''مكبر'' صوتي يعيد لها بريقها في أنها وصلت إلى أعماق الباهية وليست إلى أعماق البحر، حيث لايزال ''الحوت'' يقتات من جثث الهاربين باتجاه الضفة الأخرى؟