أعلنت وزارة العدل تلقيها في الآونة الأخيرة القرار النهائي الذي أصدرته لجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن المحافظة السامية لحقوق الإنسان لدى هيئة الأممالمتحدة والقاضي بعدم قبول الشكوى رقم 1424/2005 التي رفعها الرعية الفرنسية المدعو ''أرمون أنتون'' الممثل من طرف المحامي الفرنسي''آلان غاراي''، ضد الجزائر بشأن ما ادعى من حق للأقدام السود في استرجاع ممتلكاتهم التي تركوها بمحض إرادتهم بعد الاستقلال رغم الضمانات والحقوق التي أقرتها اتفاقيات إيفيان. تعود جذور هذه القضية إلى سنة 1962 حيث غادر المدعو ''أرمون أنتون''، المولود في 18 نوفمبر 1909 بوهران من جالية الأقدام السوداء، الجزائر بتاريخ 14 جويلية 1962 غداة الاستقلال، تاركا وراءه ممتلكاته المتمثلة في عقارات ومنقولات، ثم لجأ إلى السلطات الفرنسية لتحصل له من الجزائر على تعويضات بقيمتها. وبتاريخ 24 نوفمبر من سنة 2004 تقدم المعني إلى لجنة حقوق الإنسان الأممية دون مباشرة طرق الطعن الداخلية لإدعائه بعدم جدواها، مع العلم أن هذه الأخيرة تشكل أحد الإجراءات التي تسبق اللجوء إلى هذه اللجنة، وذلك وفقا لما تنص عليه أحكام البروتوكول الاختياري الأول المتعلق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بعد إحالة لجنة حقوق الإنسان ملف الشكوى على السلطات الجزائرية المختصة قصد الرد عليها، قامت وزارة العدل بالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية بإعداد ثم إرسال مذكرة جوابية حول الادعاءات المثارة من طرف الرعية الفرنسية الذي أسسها على خرق الجزائر أحكام العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الجزائر بتاريخ 16 ماي 1989 لا سيما مواده 2 ,27 ,17 ,12 ,1 الفقرة 1 و.26 وبعد مداولة أعضاء اللجنة حول محتوى ملفي أطراف الخصومة، تقرر عدم قبول الشكوى المقدمة من طرف السيد ''أرمون أنتون'' ضد الجمهورية الجزائرية ب 14 صوتا من مجموع ,15 مستندين إلى كل من مذكرة السلطات الجزائرية الجوابية وكذا أحكام المادتين 1 و93 الفقرة 3 من النظام الداخلي للجنة التي قضت إلى أن الأفعال المنسوبة للجمهورية الجزائرية بنفي المدعي والاستيلاء على ممتلكاته قد وقعت سنة 1962 أي قبل انضام الجزائر إلى العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية ودخوله حيز التنفيذ بالنسبة إليها. تجدر الإشارة إلى أن هذه الشكوى لم تكن الوحيدة من نوعها، بل إن الهيئات التي تنشط من أجل الدفاع عن مصالح الأقدام السوداء قد قدمت 600 ملف للجنة الأممية المعنية، بهدف إرغام الجزائر على دفع تعويضات عن ممتلكاتهم المتروكة بها بعد إعلان الاستقلال. ولكن الأمر قد تم حسمه بالقرار الصادر في أول نوفمبر 2006 باعتباره يشكل سابقة سوف تطبق على كل الحالات المماثلة بوصفه اجتهادا قضائيا جديدا. وكانت قضية ما يسمى بممتلكات الأقدام السود قد عادت إلى الواجهة كمحاولة من الجانب الفرنسي تعقيد الجزائريين عندما احتجوا على قانون تمجيد الاستعمار الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي في محاولة من الجانب الفرنسي لإرباك الجانب الجزائري للتنازل عن حقه في الاحتجاج والمطالبة بإلغاء قانون تمجيد الاستعمار كما حدث في النهاية. ولعل السنفونية نفسها تحاول أطراف نافذة في المجتمع الفرنسي ومن نخبته التسويق لها وصولا إلى قياس ليس له سند ولا أساس من خلال العمل على تكريس أكذوبة جديدة تتمثل في أن ضحايا حرب الجزائر وليس الحرب على الجزائر كانت من الطرفين وأن التجاوزات كانت من الطرفين تسوية بين مستعمر جلاد يملك من الأسلحة والمعدات ما مكنه من استعمار شعب وأرض لمدة 130 سنة، ومستعمر ضحية يدافع عن أرضه وعرضه.