فجر البروفيسور"جون نوال دارد"، أستاذ بجامعة باريس 8، فضيحة من العيار الثقيل تورط فيها وزير الخارجية السابق "محمد بجاوي" ومسؤولون وأساتذة فرنسيون، تتمثل في قيام أستاذ جزائري بسرقة رسالة دكتوراه ومناقشتها بجامعة ليون 3 للظفر بدرجة أستاذ محاضر والتدريس بجامعة وهران. نشر البروفيسور "جون دارد"، في إطار حملته التي يشنها على السرقات العلمية، مقالا طويلا مفصلا عن مدونته الخاصة يكشف عن فضيحة خطيرة تورط فيها مسؤولون وأساتذة جزائريون وفرنسيون. وتتعلق القضية بقيام الأستاذ الجزائري "زياد لطوف" بسرقة رسالة دكتوراه ومناقشتها بجامعة ليون 3 بتاريخ 07 جانفي 2011، حتى يتمكن من الحصول على درجة أستاذ محاضر بجامعة وهران. اللافت للانتباه في القضية أن وزير الخارجية الجزائري محمد بجاوي كان عضوا مناقشا للأطروحة المسروقة بشكل فاضح، والتي نوقشت بجامعة ليون 3 عام 2011. وتأتي هذه الفضيحة في إطار الحملة التي يشنها الأستاذ الفرنسي "جون دارد" على العديد من التجاوزات في الجامعات الفرنسية، وخاصة المتعلقة بالسرقات العلمية، حيث كشف الستار عن العديد من الرسائل والأطروحات المسروقة، آخرها رسالة دكتوراه حول العلاقات الدولية قام الأستاذ المدعو "زياد لطوف" بانتحالها بشكل فاضح، "حيث لا يعقل أن ينتبه المشرف على الرسالة "كريسيان فيليب" ولا المقرران ولا المناقشون إلى هذه السرقة الواضحة" يقول جون دارد في مقاله. وكشف مفجر الفضيحة على مدونته عن أطروحة الأستاذ "زياد لطوف" وهي بعنوان: "تنفيذ اتفاق الجزائر جمعية آفاق الاتحاد الأوروبي في مجال حقوق الإنسان"، وتتناول العلاقات الجزائر بالاتحاد الأوروبي ومختلف الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين منذ الاستقلال في مجال حقوق الإنسان. كما نشر "جون دارد" العديد من المصادر التي اتهم الأستاذ "زياد لطوف" بالسرقة منها وبشكل واضح للعيان، وذكر 8 مصادر مختلفة كشف عنها، ولم يستبعد أن تكون هناك مصادر أخرى قد انتحلها. وإذا عدنا إلى رسالة الأستاذ "زياد لطوف" التي تضم 322 صفحة، والتي ناقشها بتاريخ 07 جانفي 2011، وهي باللغة الفرنسية، تحوز "البلاد" نسخة منها ومتواجدة على موقع جامعة ليون 3، وقارناها بالمصادر التي ذكرها "جون نويل دارد"، والتي نحوز نسخا منها أيضا، اتضح أن صاحب الرسالة قد أخذ فعلا من تلك المصادر وانتحل منها حوالي 80 صفحة، وبشكل واضح جدا، وقام بنقل صفحات كاملة حرفيا بإشارة طفيفة أحيانا إلى المرجع وبعض التعليقات على الهامش، وفي أكثر الأحيان دون ذكر المرجع أو أي إشارة إلى ذلك، فمثلا نجد أن صفحات كاملة مأخوذة من التقرير السنوي لحقوق الإنسان بالجزائر لعام 2007، حيث يبلغ عدد الصفحات المنتحلة 15 صفحة مع إشارة طفيفة إلى المرجع في أول السطر، بل أكثر من ذلك قام صاحب الرسالة بنقل حتى العناوين والمقدمات، كما أنه أخذ حرفيا من مقالات باحثين آخرين مثل مقال للباحث الكندي بجامعة لافال "جاك كلير" حول الاتفاقيات الجزائرية الأوروبية، حيث أخذ منها حرفيا مباحث تتناول مرحلة ما بعد الاستقلال واتفاقيات "إيفيان" ومشروع التعريب منقولة بشكل جلي يمكن ملاحظته، إضافة إلى مقالات باحثين آخرين ذكرهم "جون دارد" ومتاحة على شبكة الإنترنيت، ومصادر أخرى نقل منها صاحب الأطروحة، مثل مقال بعنوان "سياسة الجوار الأوروبية" المتواجد على موقع التوثيق الفرنسي والمنشور عام 2009، والنقل شبه الكلي لتصريح معاهدة برشلونة بتاريخ 04 نوفمبر 2008، ووثيقة الإعلام الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في سبتمبر 2003 التي أخذ منها الصفحات من 150155 على مذكرته، إضافة إلى مصادر أخرى تكفي إطلالة بسيطة عليها للوقوف على الانتحال العلمي، حيث اكتفى صاحبها بإشارات طفيفة وتغيير بعض المصطلحات والعناوين التمهيدية، وأحيانا تغيير نسبة بعض الأمور إلى غير أصلها مثلما هو الحال في الصفحة 94 من الرسالة، والتي أخذها من "دليل حقوق الإنسان في اتفاقية برشلونة" للباحثين "خيماييس شماري" و"كارولين" ستاينيير" حيث قام بتغيير كلمة "السلطات التونسية" ب"السلطات الجزائرية"، إضافة إلى العديد من الأخطاء والتجاوزات يصعب حصرها. وإذا كانت السرقات العلمية معهودة من قبل، غير أن اللافت في هذه القضية هو أن من أشرف على هذه الأطروحة وناقشها وقرر لها هم خبراء دوليون ومسؤولون تقلدوا مناصب هامة لا يعقل أن تخونهم خبرتهم ومستواهم التعليمي حتى لا يتفطنوا إلى هذه السرقة. وكان ممثل الفرنكفونية في عهد ساركوزي "فرونسوا فيليب" هو من أشرف على هذه الرسالة وأطر الأستاذ "زياد لطوف" الذي يعمل حاليا أستاذا محاضرا بقسم العلوم السياسية بجامعة وهران. والأكثر من ذلك أن وزير الخارجية الجزائري الأسبق "محمد بجاوي"، الذي تقلد مناصب حساسة في الدولة (وزيرا للعدل قبل 1965، سفيرا بالولايات المتحدةالأمريكية ورئيسا للمجلس الدستوري عام 2002..) كان عضوا في لجنة مناقشة الرسالة التي ترأسها البروفيسور "ميكائيل كاربونشيف" مدير مركز الدراسات الأوروبية، وتظهر أسماء جميع الأعضاء على واجهة المذكرة، إضافة إلى البروفيسور "إيمانويل ديكو" رئيس قسم الدكتواره بجامعة باريس 2، والبروفيسور "ستيفان دومب بيلي" مدير معهد الحقوق العالمي بجامعة ليون 3.