استغل الرئيس الأمريكي باراك أوباما رسالة التهنئة التي أرسلها إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة الذكرى 51 لاستقلال الجزائر، ليشيد بدورها في مجال مكافحة الإرهاب سواء على المستويين الداخلي أو الخارجي، قائلا "لا يسعني كذلك إلا أن أحيي الدور الذي تضطلع به الجزائر في المكافحة العالمية للإرهاب ونحن على وعي كبير بأخطار التطرف سواء في بلدكم أو في المنطقة وأن الشعب الأمريكي إلى جانبكم وأنتم تواجهون هذا التهديد". وتأتي هذه الإشارة الأمريكية في رسالة التهنئة بعيد الاستقلال بعد تنامي الأخطار التي تمثلها الجماعات المسلحة في منطقة شمال إفريقيا والصحراء الكبرى، والتهديد التي بات يمثله على دول المنطقة، وكذلك على مصالح الدول الغربية مثلما حصل في الهجوم على منشأة الغاز في تيغنتورين بالجزائر، ومنجم شركة "أريفا" الفرنسية في النيجر، بالاضافة الى استهداف الرعايا الأجانب والغربيين بصورة خاصة واختطافهم من أجل الحصول على فديات مالية. ويأتي هذا الاهتمام الأمريكي بدور الجزائر، نظرا لكون موقعها الذي يتوسط العديد من الدول التي تعيش على وقع عدم الاستقرار والاضطرابات الأمنية من منطقة الساحل وعلى رأسها مالي، إلى ليبيا التي تعيش معظم أقاليمها الجنوبية حالة من الانفلات وضعف سيطرة السلطة في طرابلس عليها، إلى تونس التي ما تزال قواتها العسكرية تقاتل الجماعات المسلحة المتحصنة بجبل الشعانبي المحاذية للحدود الجزائرية الشرقية. وعبر أوباما عن "عرفانه لالتزام الجزائر فيما يخص الاستقرار والأمن الإقليميين"، وهذا الكلام بقدر ما يحمل ثناء على لعب الجزائر دورا بارزا في الجهود الرامية لعودة الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا عبر استنفارها العسكري على أكثر من جبهة لمحاصرة الإرهابيين ومنع انتشارهم وتهريب الأسلحة، يحمل كذلك محاولة أمريكية لدفع الجزائر للمساهمة في تدخل غربي بقيادة أمريكية لجعل المنطقة مركزت عالميا لمكافحة الإرهاب، خصوصا مع إشارة تقارير أمنية وإعلامية عالمية إلى أن الغرب أصبح ينظر إلى منطقة المغرب العربي والصحراء الكبرى كمركز التهديد الأول الذي يشكله تنظيم القاعدة من خلال فرعه تنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي"، خصوصا وأن الجزائر تتحفظ على أي تدخل أجنبي في المنطقة تحت شعار مكافحة الإرهاب، وتجلى هذا الموقف بوضوح في التدخل العسكري الفرنسي، حيث رفضت تقديم دعم ميداني لهذه الحملة.