نفى رئيس الحكومة الليبية علي زيدان التصريحات التي أدلى بها مسؤولون كبار في النيجر وعلى رأسهم الرئيس محمد إيسوفو الذين أكدوا أن العناصر الإرهابية التي نفذت الهجوم على معمل لاستخراج اليورانيوم تابع لشركة "أريفا" الفرنسية يوم الخميس الماضي، وأدى الى مقتل وجرح العشرات، قد قدموا من ليبيا. وقال زيدان في مؤتمر صحفي، خلال زيارة لبروكسل أمس الإثنين، إنه يود أن يؤكد أن تلك الادعاءات لا أساس لها ولا تمت للواقع بصلة، متهما العقيد معمر القذافي الذي أطيح بنظامه وتم قتله في سنة 2011 عقب انتفاضة شعبية تحولت الى حرب مسلحة، بأنه هو الذي صدر الإرهاب وأن ليبيا الجديدة لن تسمح بذلك، مضيفا أن بلاده عززت الإجراءات الأمنية على حدودها واتخذت إجراءات لعدم السماح لأي أحد بالخروج من ليبيا أو الدخول إليها من مالي. وتتناقض تصريحات رئيس الجهاز التنفيذي الليبي مع مختلف التقارير الإعلامية والاستخباراتية التي تم تداولها في الفترة الأخيرة، والتي أشارت إلى أن جنوب ليبيا تحول الى معقل للجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التي أقامت معسكرات تدريب لمقاتليها هناك، إضافة إلى أن الجماهيرية السابقة أصبحت مصدرا مهما للأسلحة التي جرى تهريبها من مخازن الجيش الليبي عقب المواجهات المسلحة التي شهدتها البلاد للإطاحة بنظام القذافي، وحالة الفوضى والانفلات التي تعيشها مناطق واسعة فيها، الأمر الذي كانت له مضاعفات أمنية خطيرة على ليبيا التي سقطت تحت سطوة ميليشيات مسلحة تمارس سلطتها بالقوة خارج نفوذ السلطات الجديدة، التي وقفت عاجزة أمامها، وكذلك على دول الجوار التي أخذت نصيبها هي الأخرى من تدفق الأسلحة بمختلف أنواعها وأحجامها، مما مكن المتشددين من بسط سيطرتهم على الأقاليم الشمالية في مالي، مما استدعى التدخل العسكري الفرنسي لإرجاع تلك المناطق إلى سلطة باماكو التي وقفت عاجزة عن التعامل مع التنظيمات الإرهابية نظرا للعدد والعدة التي كانت تتمع بها. الجزائر أيضا كانت ضحية للوضع الليبي المضطرب، حيث أثبتت التحقيقات التي أجرتها عدة جهات الى أن "جماعة الموقعون بالدماء" التي كان يقودها مختار بلمختار، وصلت الى منشأة تيغنتورين في عين أمناس بولاية إليزي الحدودية مع ليبيا عبر التراب الليبي، الذي انشغل جيشها وأمنها الذي من المفروض أن يؤمن الحدود ويفرض سيطرة ومراقبة على الصحراء بالأوضاع المتأزمة شمالا حيث تعيش حكومة علي زيدان على وقع احتقان كبير نتيجة خلافات على شؤون داخلية انخرطت فيها الميليشيات المسلحة التي رفضت التخلي عن أسلحتها ومواصلة الحياة المدنية. يضاف إلى مسلسل عدم الاستقرار في المنطقة، المواجهات الأخيرة بين الجيش التونسي، وجماعات سلفية في منطقة جبل الشعانبي بمحافظة القصرين على الحدود مع الجزائر، والتي أشارت تقارير إلى أن المسلحين قدموا من مالي عبر التراب الليبي، الذي بات طريقا آمنا بالنسبة للإرهابيين نظرا لحالة التسيب الأمني الكبير.