احتدم الصراع بين الائمة الجزائريين من ممثلي الجالية المسلمة في فرنسا، عشية وصول 52 إماما جديدا، ستوفدهم وزارة الشؤون الدينية إلى فرنسا لاستخلاف زملائهم الذين انتهت فتراة انتدابهم. وقد عاد الخلاف مجددا بين الأئمة الجزائريين من ممثلي الجالية الجزائرية المسلمة في فرنسا إثر الزيارة التي قادت وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله إلى فرنسا وهي الزيارة الأولى من نوعها لوزير من هذا القطاع إلى باريس منذ الاستقلال. لكنها الزيارة التي اعتبرها ممثلو الجالية الجزائرية جاءت متأخرة، بعد إحكام المغاربة قبضتهم على الهيئات الممثلة للجالية المسلمة، مع أن الجزائريين يعدون الجالية المسلمة الأكبر عددا في فرنسا . من جهته، لم يتردد الجزائري عز الدين قاسي، رئيس المجلس الجهوي للديانة الإسلامية بمنطقة الألب والرون التابع لاتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا التي يرأسها المغربي فؤاد العلوي، في الإعلان عن انتقاداته لهؤلاء الائمة الجدد متحفظا بشأنهم من ناحية الافتقار إلى التحكم في اللغة الفرنسية فضلا عن الاطلاع على السوسيولوجية الفرنسية والواقع الفرنسي في ظل ما يعرفه الإسلام من تحديات في هذا البلد خاصة في ظل العهدة الأولى للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وقد أثارت انتقادات قاسي تحفظات الجزائري كمال شيبوت رئيس الفيدرالية الجهوية لمسجد باريس داعيا في رده على قاسي منتقدا في هذا الرد الحكم على الائمة الجدد بجهلهم الغلة الفرنسية وجهلهم الواقع الفرنسي قبل وصولهم إلى فرنسا. ولم يتردد شيبوت في السياق ذاته في دعوة قاسي ومن وصفهم بأمثاله من الجزائريين المنضوين تحت لواء جمعيته إلى التخلي عما أسماه شيبوت الحركية في إشارة إلى (الحركى) الإديولوجية والسياسية، متهما في هذا السياق قاسي بالعمل لصالح المغاربة في إطار توجه إديولوجي خارجي معاد للجزائر يريد من الأئمة الجزائريين نسيان جزائريتهم في إشارة إلى محاولات الإغراء التي يتعرضون لها. ومهما تكن الخلفيات التي حركت قاسي وشيبوت إلا أن واقع الأئمة الجزائريين في فرنسا غير بعيد عن الصورة السيئة التي قدمها قاسي خاصة أن شهادات حية أكدت ل''البلاد'' أن وزارة الشؤون الدينية لا تدفع لأئمتها حتى اشتراكات الضمان الاجتماعي في فرنسا خلال السنة الأخيرة. وكانت فالبلادف قد أوردت قبل شهر صرخة أحد الأئمة المرتقب عودتهم الى الجزائر أن عاد بطبيعة الحال ولم يحذو حذو غيره من الأئمة الذين لا يعودون إلى أرض الوطن، حيث أكد نفس الإمام أن عددا كبيرا من زملائه وجد نفسه سنة كاملة دون ضمان اجتماعي مما يحرمه من المداواة في فرنسا. الأمر الذي يفسر إلى حد بعيد وضعية هؤلاء الأئمة المزرية وما يمكن أن يتعرضوا له من إغراءات، كما كشف ذلك شيبوت الذي وإن دافع عن وجهة نظر جزائرية وكشف بعض الحقائق التي يخفيها تباكي قاسي على المستوى العلمي للأئمة الجزائريين إلا أن زيارة غلام الله لن تصلح ما أفسدته عقود من القطيعة والغياب. وكانت البلاد قد تلقت شهادة أحد كبار إطارات وزارة الشؤون الدينية ممن أوفد للتدريس في شهر رمضان في فرنسا لإتقانه الجيد للفرنسية وللعلوم الشرعية دون أن تكفل له الوزارة الحد الأدنى من الكرامة في المبيت، حيث كان يقضي ليله في رمضان في مستودع كبير ويفطر بأمواله طيلة شهر كامل، الأمر الذي يؤكد مدى اهتمام وزارة غلام الله بالإسلام والجالية الجزائرية في فرنسا.