الضربات الموجعة لقوات الجيش أفقدته القدرة على المناورة بدت الجماعات الإرهابية في العشر الأوائل من شهر رمضان عاجزة عن تنفيذ عمليات نوعية مثلما تعودت على ذلك في السنوات السابقة، حيث اكتفت بتسجيل حضورها عبر عمليات متفرقة خلفت وقوع ضحايا في عدد من الولايات. غير أن أكثر ما ميّز تلك العمليات، كان الاستعانة بالقنابل التقليدية بدائية الصنع، مما يكشف النقص الفادح لدى ما تبقى من تلك الجماعات في الذخيرة والعتاد، إلى جانب ضعف قدراتها على المناورة والتخطيط، وذلك بعد اشتداد الحصار الأمني عليها بفعل العمليات النوعية التي نفذتها قوات الجيش في الفترة الأخيرة. وقد قُتل أمس الأول، مواطن في انفجار قنبلة تقليدية بمنطقة بابا بكوش في دائرة لرجم التابعة لولاية تيسمسيلت، حسبما أفاد به تقرير للدرك الوطني بالمنطقة. وكان الضحية يزاول عمله في أرض فلاحية أثناء انفجار القنبلة، وقبل هذه العملية انفجرت قنبلة تقليدية الصنع في تيزي وزو تزامنت مع زيارة الوزير الأول إلى الولاية، إلا أنها لم تخلف ضحايا. وقبل أسبوع، انفجرت قنبلة تقليدية أخرى في منطقة ششار بخنشلة، وأودت بحياة الصحفي من جريدة البلاد "أمين تومي" إلى جانب شخص آخر مرافق له، بعد أن كانوا عائدين من رحلة صيد في جبال المنطقة، وجاءت تلك العملية عقب انفجار قنبلة تقليدية أخرى في القادرية بولاية البويرة ولم تسفر عن وقوع ضحايا. واللافت في سلسلة انفجارات القنابل التقليدية، أنها استهدفت الأشخاص الخطأ، بمعنى أنها كانت موجهة في الغالب لاستهداف مرور قوافل الجيش الوطني الشعبي، لكنها انفجرت على مواطنين عزل، الأمر الذي يفضح عشوائية العمليات الإرهابية الأخيرة وافتقادها لتكنولوجيا التفجير عن بعد وغيرها من التقنيات التي كانت تستعمل سابقا في استهداف الضحايا. ولعل أكثر العمليات دموية خلال شهر رمضان، تلك التي استهدفت جنودا في منطقة الرمامن بأعالي الداموس، قبل أربعة أيام، في ولاية تيبازة، حيث خلفت مقتل أربعة جنود وإصابة أربعة آخرين بجروح، حيث كان الجنود في نقطة مراقبة عندما فاجأهم الانفجار، وتعد ثاني أكبر عملية من حيث الخسائر، بعد تلك التي راح ضحيتها 14 جندياً منذ حوالي 5 سنوات بنفس المنطقة. ويؤشر لجوء الجماعات الإرهابية إلى استعمال القنابل يدوية الصنع، إلى أنها أصبحت في حالة شبه عجز عن تنفيذ عمليات انتحارية أو هجومية خطيرة كالتي دأبت عليها في السابق، حيث لم تشهد الجزائر عملية انتحارية منذ العمليتان اللتان استهدفتا مقر الدرك في كل من تمنراست في مارس 2012، وورڤلة في جوان 2012. ومعلوم أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قد تلقى في شهر ماي من هذه السنة ضربات موجعة في معاقله الرئيسية، بعدما تمكنت وحدات مكافحة الإرهاب التابعة للجيش الوطني الشعبي، من القضاء على سبعة إرهابيين في يوم واحد، واسترجاع ستة أسلحة رشاشة، وذلك في عمليتين منفصلتين الأولى في تيزي وزو والثانية على حدود بومرداس والبويرة. وكانت سنة 2012 وبالا على الرؤوس الكبيرة في تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، حيث بيّنت تقارير مصالح الأمن الجزائرية أنها تمكنت من تصفية أكثر من 200 إرهابي خلال هذه السنة، على المستوى الوطني من بينهم أمراء وقياديون بارزون فضلا عن وضع حد لأكثر من 120 عنصرا ينشطون في شبكات الدعم والإسناد.