تراهن السلطات الولائية بوهران، على سياسة الترميم بشكل كبير، حيث خصت قسطا كبيرا من ميزانياتها في السنوات الأخيرة لمشاريع ترميم العديد من البنايات والهياكل والمعالم التاريخية، وهي السياسة التي فشلت بسبب عدم نجاعة عملية الترميم وتحايل مكاتب الدراسات الأجنبية والتأخر في سير الأشغال مما يكلف الخزينة أموالا أكثر، بل ويؤدي فيما بعد إلى وقف أشغال الترميم لعدم نجاعتها مثلما حدث لمتحف المجاهد وصار يهدد مقر بلدية وهران، المعلم التاريخي للمدينة، الذي توقفت فيه الأشغال مؤخرا لأسباب مجهولة وأصبح مهددا بالانهيار، وكذلك قصر الباي الذي لازالت أشغال ترميمه تراوح مكانها منذ أزيد من 10 سنوات. دق منتخبون ببلدية وهران ناقوس الخطر بخصوص التأخر في سير أشغال ترميم مقر بلدية وهران وتوقفها مؤخرا لأسباب مجهولة، حيث حذروا من خطورة بقاء الدعائم والصفائح الحديدية منصوبة لمدة طويلة، لأن ذلك يتسبب في تآكل الجدران والسقوف كلما طال الزمن، وهو ما يظهر جليا، حيث إن الدعائم الحديدية منصبة منذ انطلاق الأشغال في شهر نوفمبر الماضي ولازالت لحد الآن كذلك، حيث ظهر تآكل الجدران والسقوف المدعومة بها، وبدأت في التشقق أكثر، حيث تتهاوى الأتربة والحجارة من حين لآخر. وكانت أشغال ترميم مقر بلدية وهران الأثري قد تكفلت بها مؤسسة إسبانية في إطار عملية ترميم البنايات الهشة بوسط المدينة، التي تعتبر من المعالم التاريخية والأثرية للباهية بحكم طابعها العمراني الأوروبي ويعود تشييدها إلى القرن الثامن عشر، ورصد لترميم دار الأسدين وحدها غلاف مالي قدره 70 مليون دينار على أن تسلم الأشغال قبل نهاية السنة الجارية، وهو أمر مستبعد بسبب النسبة الضعيفة لتقدم الأشغال التي قدرتها مصادرنا بأنها لا تفوق 30 بالمائة. وما زال المسؤولون بوهران يراهنون على سياسة الترميم دون اتباعها بالمراقبة الصارمة، حيث صار الترميم يدر أموالا كبيرة على أصحاب المصالح، مثل مشاريع إنجاز وتهيئة الأرصفة التي يتسابق أصحاب المصالح للظفر بها. وكان والي وهران قد شكك في مصداقية بعض المخابر ومكاتب الدراسات التي كانت قد بالغت حين صنفت 87 بالمائة من البنايات وسط المدينة في الخانة الحمراء وأنها على وشك الانهيار وهو ما قال بأنه يدعو إلى الريبة، ما يظهر بأن مشاريع الترميم صارت محل طمع الكثير من المؤسسات الإسبانية، بل وحتى مسؤولين بوهران يسعون لافتكاك تلك المشاريع، وهو ما حول مشاريع الترميم حسب بعض المصادر إلى مصدر طمع لهم مثل مشاريع إنجاز الأرصفة وتهيئتها التي تحولت هي أيضا إلى مصدر للنهب والاختلاس. وكانت ولاية وهران قد شجعت مؤخرا العديد من مشاريع الترميم، حيث كانت أشغال ترميم متحف المجاهد شرقي وهران جارية بسبب تسجيل تجاوزات في طريقة إنجازه قبل خمس سنوات إلى أن قرر الوالي مؤخرا توقيفها بعد أن أثبتت الخبرة التقنية فشل أشغال الترميم وإلزامية هدمه، حيث اقترح الوالي هدمه كليا بنسفه بالمتفجرات. إضافة إلى مشروع ترميم قصر الباي الذي تأخرت انطلاقته أكثر من عشر سنوات بسبب التنازع الحاصل بين مديرية الولاية ووزارة الثقافة للظفر به، حيث تسبب المشروع في سباق محموم بين الوالي "عبد المالك بوضياف" ووزيرة الثقافة "خليدة تومي"، وهو المشروع الذي لازال يراوح مكانه لحد الآن رغم الانهيارات المتكررة وسقوط أجزاء مهمة من هذا المعلم التاريخي، حيث كشف الوالي مؤخرا عن مشروع تركي جزائري لترميم قصر الباي والمسجد العتيق بحي سيدي الهواري. وكانت خزينة الولاية قد تدعمت مؤخرا ب20 مليار دولار، التي سيتم تخصيص جزء مهم منها لترميم العديد من المنشآت، فإضافة إلى قصر الباي، ستنطلق أشغال ترميم مبنى القنصلية الأمريكية الذي ستوكل أشغاله لمؤسسة إيطالية.