بعد تدابير الحصار الجزائري المفروض بطرفي الشريط الحدودي على "الحلابة " بات من الجلي أن الوضع الاقتصادي في الجهة الشرقية بدولة المغرب الجارة يوجد على مشارف أزمة مالية حقيقية ترجمتها الحملة الإعلامية المغربية الشرسة على النظام الجزائري الذي افقد التوازن الغذائي في ذات الجعة التي كانت تقتات من الوقود الجزائري المهرب إلى وجدة عاصمة الضفة الشرقية التي تضم اقلي أبركان ,سعيدية , تاوريت ,الناظور وتشكل حوالي 12 في المائة من سكان المغرب ,وقد ارتفع الطلب على الوقود المغربي بشكل لافت في المنطقة بسبب ندرة الوقود الجزائري "البنزين, والمازوط المهرب من الحدود الجزائرية المغربية وبالتحديد النقطة الحدودية "باب العسة" التي ترسم جدارا حدوديا فاصلا بين الدولتين ,وجاء هذا الارتفاع المفاجئ على الوقود المغربي على ندرته ,بعدما شددت السلطات الجزائرية الرقابة على تهريب هذه المادة الحيوية, مما حرم الآلاف من "الحلابة" أو "المقاتلات" بالتوصيف المغربي من دخل ألفوا حلاوته على امتداد أكثر من ثلاثة عقود ,كما ستضر ذات الحرب التي تشنها الجزائر على مافيا التهريب , باقتصاد الجهة وقد تورط أمير المؤمنين في أزمة جديدة ,ما يعجل بظهور بؤر توتر ربما تؤدي إلى نتائج عكسية في الضفة الشرقية . صيدليات مير وجدة تتعرض الى الحرق والتلف ففي ظل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي اجتاحت المغرب وبالتحديد مدينة وجدة الشرقية ,ازدادت صعوبة العيش في المنطقة ودفع الوضع العصيب بالسكان المحليين إلى الانتفاضة الشعبية مساء السبت الماضي في وقفة سلمية بدأت قبالة مقر بلدية وجدة قبل أن تتطور الأمور لتأخذ منعرجا خطيرا وصل الأمر بلجوء الغاضبين إلى إشعال النيران في ممتلكات رئيس البلدية عمر هجيرة عن حزب الاستقلال ,وتحدثت تقارير مغربية رسمية عن خسائر جسيمة في الممتلكات راح ضحيتها "حاكم إقليم وجدة من خلال الحرائق التي مست صيدلياته وبعض محلاته التجارية المختصة في بيع الملابس الرياضية ,وتشكل ذات الأحداث حسب التقارير الواردة من الجارة المغرب أولى التبعات السلبية لحزمة الإجراءات الجزائرية الرسمية الرامية إلى مكافحة التهريب وتخفيض حصة الوقود التي أعلن عنها والي ولاية تلمسان لمنع نزيف التهريب من الجزائر إلى المغرب ,ونقلت الصحف المغربية عن المحتجين أن موجة سخط واسع على السلطات الجزائرية محملين إياها الضرر الواسع الذي لحق بارونات تهريب الوقود الجزائري ,وراحت بعض الصحف الموالية لنظام المخزن تكيل التهم جزافا للجزائر وتنفث سمومها ضد الجزائر على أساس أن إجراءات محاربة تهريب الوقود جاءت رغبة من النظام الجزائري لإضعاف الجبهة الداخلية وبمعادلة بسيطة إلحاق الضرر بالجبهة الخارجية لتحقيق مراد الجزائر في الصحراء التي تزعم أنها مغربية ,والواضح أن سكان الجهة الشرقية باتوا يعانون ندرة العيش نتيجة انحسار موارده التي كانت تنحصر في مادتي المازوت والبنزين الجزائري ,الذي غاب في لمح البصر من قارعة الطريق بعدما اعتاد المواطن في المنطقة التي تحولت إلى بؤر توتر ,اقتناء الوقود الجزائري بثمن بخص ,حتى أن محطات الوقود أغلقت أبوابها وطردت عمالها في وجدة ,إقليم أبركان وسعيدية السياحية بسبب منافسة الوقود المهرب الذي سبب للمواطن المغربي حالة مرضية واجتماعية نتج عنها نشاط اقتصاد ريعي أجهز على ما تبقى للمغاربة من الأنشطة الحرفية والتجارية الوطنية,وخلق جيلا من الشباب الكسلان والمتواكل, تقول بعض الصحف المحلية الناشطة في وجدة انه "شباب غير منضبط" , لتحديه القانون وانخراطه في تهريب الوقود الجزائري بقيادة سيارات "مهترئة" معدة لتهريب كميات من المحروقات الجزائرية . هذا الاختلال الاقتصادي ,ألقى بظلاله بسرعة على السياحة في الجهة الشرقية ,بعدما اقسم المغاربة في المهجر وبالتحديد في هولندا واسبانيا وبلجيكا وفرنسا على الامتناع عن قضاء إجازتهم الصيفية في منتجع "سعيدية" بمحافظة وجدة المغربية ,وأنهم قرروا عدم التردد على شواطئ المملكة بذات الجهة إذا لم يتحسن الوضع أمام غياب حقيقي للوقود الوطني الذي كثر الطلب عليه واستمرار الحصار المفروض من قبل السلطات الجزائرية على النقاط الحدودية لمنع عمليات تهريب الوقود بسبب الأرقام المرعبة التي أعلنت عنها وزارة الداخلية الجزائرية بتدوين 25 في المائة من الوقود كان ماله التهريب إلى دول الجوار في إشارة واضحة إلى المغرب المستفيد الوحيد من هذا تهريب المواد النفطية الجزائرية إلى أقاليمه الشرقية . ويحفظ أكثر المتضررين من الإجراءات الجزائرية ضد مهربي البنزين بحسرة شديدة ,قرار والي تلمسان القاضي بتخفيض تموين المحطات إلى 50 في المائة من خلال تقليص كميات التزود إلى حدود 500 دج بالنسبة إلى السيارات الخفيفة وكمية لا تتجاوز 2000 دج لفائدة الشاحنات والحافلات لحاجتها الماسة إلى هذه المادة الإستراتيجية بالإضافة إلى تخفيض الحصص المخصصة للمحطات الحدودية القريبة من المغرب . مع العلم أن رغبة صريحة أبدتها السلطات الجزائرية في القضاء على هذه الآفة من خلال اتخاذها جملة من الإجراءات كحفر خنادق عميقة واسعة على خط الشريط الحدودي . غرفة التجارة والصناعة بوجدة تعترف ولا تستبعد بعض التقارير الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة بمدينة وجدة المغربية أن تتسفحل الازمة الاقتصادية في الجهة الشرقية التي تستمد 70 في المائة من اقتصادها على نشاط التهريب من خلال تهريب أطنان المخدرات المغربية إلى الجزائر وإدخال كميات هائلة من الوقود الجزائري ,وأشارت غرفة التجارة والصناعة في أخر تقرير صدر في الفاتح أوت الجاري إلى أن رقم أعمال التهريب بلغ قيمة 6 ملايير درهم سنويا ,لافتا إلى أنه منذ دخول الإجراءات الجزائرية حيز التنفيذ الخاصة بمكافحة تهريب الوقود إلى المغرب ,تعطلت محطات التموين بمختلف أقاليم الجهة الشرقية كوجدة ,تاوريت و أبركان التي كانت تعتمد على الوقود الجزائري بنسبة 100٪. هذا الاعتراف المغربي المجدد عن ظاهرة التهريب التي أغدقت بالفوائد على المغاربة وأنهك الاقتصاد الوطني الجزائري ,يزيل اللبس مر ة أخرى عن إجراءات غلق الحدود بين البلدين ويعطي الحق من جديد للجزائر التي تتمسك بموقفها دون نقصان طالما أنها تفقد ملايير الدينارات نتيجة التعريب الذي جني المغاربة منه الكثير على امتداد العقدين الآخرين .