انزلقت الحركة الاحتجاجية التي نظمها سكان المحتشدات بحي سيدي سالم الشعبي ببلدية البوني في عنابة، إلى اندلاع مواجهات دامية مع قوات مكافحة الشغب التابعة للأمن الوطني، التي اضطرت إلى الاستعمال المكثف للغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين على طول الطريق الوطني 44 المؤدي إلى المطار الدولي رابح بيطاط وكذا المدخل الرئيسي لهذا الحي. وخلفت الاشتباكات العنيفة في حصيلة مؤقتة سقوط قرابة 40 جريحا بينهم 15 عنصرا في صفوف الشرطة، ولم تنته إلا بشن حملة اعتقالات واسعة النطاق مست إلى غاية ساعة متأخرة من مساء أمس أكثر من 20 شابا. وفرضت هذه الاحتجاجات العارمة حالة طوارئ، حيث ظلت الفرق الأمنية مدعمة بقوات مكافحة الشغب التابعة لسلكي الشرطة والدرك الوطني مرابضة في المواقع الساخنة بالمنطقة تحسبا لأي طارئ مع إجراءات استجواب الموقوفين وعودة ذويهم إلى مظاهر الاحتجاج والشغب للمطالبة بإطلاق سراحهم. وذكر متظاهرون تحدثوا ل ''البلاد'' في مكان الاحتجاج أن ''قرار خروجهم إلى الشارع أملته الوعود المتكررة لممثلي السلطات المحلية على مستوى البلدية والدائرة دون أن يتحقق مطلبهم في منحهم سكنات اجتماعية لائقة تخلصهم من معاناة المحتشدات (سكنات لاصاص) التي يقيمون بها منذ 1960 رغم عشرات الحصص التي تم توزيعها في السنوات الأخيرة على مواطنين من أحياء فوضوية أخرى تم تشييدها بتواطؤ مع مسؤولي البلدية'' . وطالب المحتجون بترحيلهم الى السكنات الاجتماعية المشيدة بالقرب من القطب الجامعي بمركز بلدية البوني والتي سيتم توزيعها قريبا. وكان الشباب المنتفض قد احتل ابتداء من صبيحة أمس، 4 مواقع محورية بشبكات الطرق الوطنية والولائية وأغلقت بالمتاريس الحديدية والخشبية وجذوع الأشجار والحجارة وقنوات أشغال الري والغاز والأعمدة الكهربائية، وإضرام النيران بالعجلات المطاطية وفرض شلل كلي في حركة المرور، خصوصا على محور الطريق الوطني 44 الرابط بين ولايتي عنابة والطارف. ورفض المحتجون في كل هذه المواقع التحاور مع سلطات البلدية والدائرة بحجة عدم المصداقية في وعودهم، مصرّين على حضور الوالي. وأسفرت المواجهات الأخيرة، وهي الأعنف عن سابقاتها، حسب التقارير الأمنية والصحية، عن إصابة 25 متظاهرا بجروح وتوقيف 21 شخصا اقتيدوا إلى مقر أمن دائرة البوني قبل إحالتهم على العدالة. كما أصيب 15 شخصا من العناصر الأمنية بجروح، إضافة إلى أضرار مادية في شبكة الإنارة العمومية ومقر الأمن الحضري بسيدي سالم، وتحطيم حافلتين وسيارات سياحية للخواص. وتعرض 13 من مستعملي الطرق للاعتداء والابتزاز وشلل تام في حركة المرور دام إلى ساعة متأخرة من ليلة أمس. وكان سكان المحتشدات قد انتفضوا منذ أسبوعين في حضور والي عنابة الذي أشرف على الافتتاح الرسمي لموسم الاصطياف 2010 على مستوى شاطئ حي سيدي سالم، بشكل عرقل السير الحسن لمراسيم الافتتاح رغم التعزيزات الأمنية الكبيرة قبل أن يهدئهم الوالي ويضبط معهم سلسلة من اللقاءات لطرح انشغالاتهم.