أخذت أحداث سيدي سالم ببلدية البوني، بولاية عنّابة، ليلة أول أمس، وصبيحة أمس الاثنين، منعرجات خطيرة، بعد أن تجددت الاشتباكات والمواجهات بين رجال الأمن وقوات مكافحة الشغب من جهة، والمواطنين الغاضبين المحتجين من جهة ثانية... واستعلمت في عمليات الرشق المتجدّدة، حجارة وقضبان حديدية وزجاجات فارغة، واضطرت وحدات الأمن إلى استعمال الغازات المسيلة للدموع، قصد تفريق المواطنين الذين تجمهروا بأعداد هائلة، في زوايا وساحات واحد من أكبر الأحياء الفوضوية، التي تم غلقها من قبل المحتجين لمنع ولوج مصالح الأمن إليها، وقدرت مصادر أمنية عدد الجرحى في صفوف وحدات الأمن إلى غاية صبيحة أمس، بنحو 30 جريحا بينهم ضابط شرطة في حالة خطيرة. ويخضع المصابون إلى علاج مكثف بمستشفيات الولاية، كما أسفرت أعمال الشغب عن تحطيم 5 سيارات تابعة لوحدات الشرطة، التي تدعمت بفرقة كاملة مدججة بالعتاد من أمن ولاية سكيكدة، وفيما تتواصل أعمال الشغب بحدّة، بحي سيدي سالم، الذي يخضع لتعزيزات أمنية، منذ ثلاثة أيام، أقدم بعض المحتجين ليلة أمس على حرق الملحق البلدي ممثلا في الفرع البلدي للسياحة، وإضرام النار في مركز البريد المتواجد على مستوى الحي، وفي الوقت الذي ينشغل فيه جميع سكان المعمورة، بمباريات الدور الأول من منافسات كأس العالم بجنوب إفريقيا، لاتزال زوايا حي سيدي سالم الشعبي الفوضوي، تتنفس غضبا واحتجاجات، على خلفية أنباء عن إقصاء سكان الحي من برامج الاستفادة من السكنات الاجتماعية، التي هي في طور الإنجاز عبر عدة نقاط بالولاية، وتقول مصادر الشروق، بأن شرارة اللهب انطلقت بعد أن أحسّ المواطنون بأن السلطات الولائية ربما ستنقض وعودها المتعلقة بإعداد برنامج سكني ضخم وخاص بسكان سيدي سالم. وخرج الغاضبون منذ ثلاثة أيام في حركات احتجاجية عارمة، وصفت بالأعنف من نوعها في تاريخ الولاية، يطالبون بتوضيح الصورة أكثر للرأي العام المحلي حول استفادة السكان من عدمها، وقالوا للشروق يصرخون "عشرين سنة بركات .. نريد حلاّ ونريد سكنات"، في إشارة واضحة وصريحة منهم، للجهات المسؤولة محليا ووطنيا، بضرورة التحرك الجدي، لوضع حدّ للمأساة والمعاناة التي يعيشونها داخل جحور سيدي سالم منذ سنوات طويلة، ودعا المواطنون السلطات إلى التحقيق في حقيقة ما يحدث بسيدي سالم، وإعطائهم وعودا صادقة وضمانات جدية، للمكوث في منازلهم وانتظار انتهاء المشاريع السكنية المسجلة لصالحهم، والى غاية ظهيرة أمس، بلغت حصيلة الموقوفين نحو 20 شخصا بينهم اثنان قصر، لم يمثلو أمام قاضي التحقيق بمحكمة الحجار بعد، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى اشتعال الوضع وتأزمه نحو الأسوأ، أو تطوره إلى ما لا يحمد عقباه. وفيما تنتظر السلطات عودة الهدوء، شرعت لجنة من عقلاء الحي، مشكلة من شخصيات معروفة وشيوخ وكذا أئمة، في دعوة المواطنين إلى التعقل ووقف أعمال الشغب والعنف التي تدور رحاها منذ ثلاثة أيام بسيدي سالم، وضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار واستعمال أسلوب مغاير لمنطق الحرق والضرب والجرح هذا، الذي لن يؤدي إلا لمزيد من تعفن الأوضاع وتشنج الآراء والمواقف بحسب عقلاء الحي، الذين نجحوا إلى حد ما، إلى غاية ظهيرة أمس، في تلطيف الأجواء، التي ركنت إلى راحة وهدوء حذرين، وسط ترقب واضح وحالة تخوف من تجدد الأحداث العنيفة من طرف مصالح الأمن التي تظل مرابضة بمحيط سيدي سالم، منذ ثلاثة أيام كاملة، ومن جهة أخرى، دعت السلطات الولائية، المواطنين إلى التعقل، كون ولاية عنابة، استفادت من برنامج سكني ضخم، يدخل في إطار البرنامج الخماسي 2010 / 2014، بإمكانه القضاء على ما تسمى بأزمة السكن بصفة نهائية بكامل مدينة عنابة مع حلول عام 2015، وبين هذا وذاك، تبقى سيدي سالم تحترق...؟؟