- الانقلاب على مرسي خطط له من أمريكا والعسكر غير قادرين على مواجهة "الإخوان" - "الإخوان" سيبقون في مصر سواء صدرت قرارات الحل أو لم تصدر - استفدت من تعاملي مع القضاء الجزائري في ملفات الإرهاب - ظلمت في مصر بسبب دفاعي عن العلم الجزائري بعد حرقه - الأزمة المصرية مع "حماس" مفتعلة لإضعاف المقامة وحماية إسرائيل رجّح المحامي المصري ورئيس اللجنة القومية للدفاع عن سجناء الرأي، منتصر الزيّات، تكرار سيناريو الدم، الذي مرت به الجزائر سنوات التسعينات، معتبرا التعامل مع أنصار "الإخوان" وقادتهم في مصر؛ سيكون السبب الأبرز في احتدام الصراع. كما يرى المتحدث في الحوار الذي جمعه ب"البلاد"، أن الأزمة السورية ستلقي بضلالها على مصر، إن بقي الوضع على حاله. ويتحدث الزيّات عن خطة، مصرية- أمريكية، "نضجت" في البيت الأبيض، للإطاحة بالنّظام المصري الذي وصفه ب"الشرعي" وكان على رأسه محمد مرسي، الذي التزم طيلة السنة الماضية، حسبه، بالمصلحة المصرية العامة. كما يروي لنا تفاصيل ترافعه عن المتهم بالإرهاب، المصري ياسر سالم، بالمحكمة الجزائرية، مشيرا إلى أن استفاد من تجربته في التعامل مع القضاء الجزائري. - تم حديثا في مصر بمحكمة القضايا المستعجلة حل جماعة "الإخوان"، وترافعتم للتراجع عن هذا القرار، ما مدى ثقتكم، بّأن تكون النتائج لصالح "الجماعة"؟ هذا الحكم سياسي بالدرجة الأولى، وهي قضية لا يختصم فيها الطرف الرئيسي المطلوب حجبه أو حظره استنادا إلى مخالفات ونحو ذلك، ألا يفترض أن يكون موجودا ليدافع عن نفسه؟ لكنها الرغبة الإقصائية التي تفضح الطغاة والاستبداديين.. هم غير قادرين على مواجهة الإخوان في الملعب وليست لديهم جذور ولا شعبية. محكمة الأمور المستعجلة لم تشرّع لهذا، وإنما شرّعت لتنظر في أمر مستعجل حال وجود خطر، فرض حراسة على مال أو عقارات ونحو ذلك، وهذه المحكمة جزئية تتكون من قاضي فرد، لكن محكمة الاستئناف تتكون من ثلاث قضاة.. على كل حال يقيني أن الإخوان حالة مجتمعية ضد الكسر والإقصاء أو الاستئصال سواء صدرت قرارات حل أو حظر أو لا. - هل نفهم من إجابتكم، أن "الإخوان" سيستمرون في نشاطاتهم السياسية رغم منعهم، أو ربما ستكون لهم نشاطات يتم إدارتها من خارج مصر مثلا؟ لا ليس بالضروري أن تكون تحركات الإخوان من خارج مصر، علاقات إخوان مصر بإخوانهم في الخارج علاقة إدارية وليست تنظيمية.. إخوان مصر ومنذ بداياتهم يعملون من داخل مصر سياسيا رغم الحظر.. وماذا يمنع الإخوان من خوض الانتخابات مثلا إذا قرروا المشاركة في الوقت الذي يرونه مناسبا.. لا يوجد في البطاقة الشخصية بند يحدد عضوية صاحبها في الإخوان من عدمه، ويجب أن يفهم الانقلابيون أن الإخوان حالة مجتمعية من غير عضوية أو رخصة.. الإخوان جماعة تأسست عام 1928 دون رخص أو إشهار.. جماعة الإخوان لها رسالة قامت لتحافظ على هوية الأمة وقت إطاحة أتاتورك بالخلافة وأسقط راية الإسلام وهكذا هم دائما في كل عصر وزمان.. طبعا سيستمرون.. هم في الشارع الآن رغم وجود قياداتهم الأبرز في السجون، لكن قواعدهم في الشارع كل يوم. - حذّرت مما أسميته موجة العنف التي ستجتاح الشارع المصري في حال مواصلة الحكومة الانتقالية والجيش في التعامل مع جماعة الإخوان وجمهورها بهذا الأسلوب.. أنا أتحدث عن فعل ورد فعل وهي قاعدة علمية وهي أيضا قاموس كوني.. نتحدث عن مناخ هو الذي يحدد طبيعة الأجواء التي تتكون داخله، فإذا كان المناخ يقوم على التعددية الحزبية وتداول السلطة عبر انتخابات، فإنه من الطبيعي أن تندر حالة العنف والتوتر، لكن في مناخات القهر والتعذيب والاستبداد وتضييق حرية الرأي والتعبير وفتح السجون والمعتقلات، فالطبيعي جدا أن يلجأ البعض إلى رد الفعل وأعني به العنف. فكرة الثأر هنا تسيطر على طرق تفكير الشباب وهو يمتلك الحماسة والاندفاع. وإذا كانت أجيال من الجماعات الإسلامية نبذت العنف واتبعت الطرق السلمية، فإن أجيالا جديدة ستقوم وتتمرد على القيادة القديمة ومن ثمّ ندخل في دوامات جديدة من العنف. - لماذا في رأيك اتهم "الإخوان" خلال مرحلة العزل وأيضا الفترة الجارية، ب"التواطؤ مع أمريكا"، وعلى أي أساس تم بناء هذه الاتهامات ولماذا مع أمريكا وليس غيرها؟ من الذي يتواطأ مع أمريكا؟، هذا هو السؤال الذي يجدر بنا طرحه لا أمرا آخر.. أوباما فضح الانقلابيين، وهو يتكلم في الأممالمتحدة وعلى هامشها أيضا، قال إنه ينسق مع النظام القائم في مصر وعلاقته بالحكومة جيدة، وإن مرسي أساء إدارة شؤون البلاد، وغيرها من التصريحات التي تفنّد الشائعات المغرضة التي أقيمت لتشويه سمعة الإخوان.. فما كان مستورا ظهر.. أمريكا ضالعة في الانقلاب.. صحيح كما يقول المثل "رمتني بدائها وانسلت"، كل ما ظهر فيما بعد ومازال يظهر، يكشف تآمرهم، فقد تحدثت منى مكرم عبيد، وهي عضو المجلس القومي للمرأة والبرلمانية السابقة في أمريكا، عن الاجتماعات التي كانت تضمهم مع قادة الجيش للترتيب للانقلاب على مرسي، هذا الأخير الذي حقق في "النور" أهم اتفاقية هدنة جرت بين حماس وحكومة تل أبيب، باختصار هو رجل دولة يعمل لصالح بلاده وصالح القضية الفلسطينية. - في رأيك، ما هي الحلول الأنسب للخروج بمصر وسياستها نحو بر الأمان؟ أن نذهب فورا لصندوق الانتخاب مباشرة تحت رعاية دولية، ونعود مرة أخرى إلى الشرعية الدستورية ويقرر الشعب ما يريد.. لكن بضمانات دولية في الإعداد للعملية الانتخابية. - إلى أي مدى يثق "الإخوان" في الشرعية الدولية، خاصة مع كشف الستار عن عدد من الدول، في إتباع مصالحها دون مراعاة مصالح شعوب الدول الأخرى على غرار ما حدث في سوريا مثلا، والنموذجان الأمريكي والروسي دليل على ذلك؟ أظن أن الثقة في الحالة المصرية، يمكن أن تكمن في عدم قدرة تلك الدول من اتباع خطوات في أي إجراء قانوني، يتعلق بما جرى في مصر من الثالث جويلية الماضي، وما بعده، لا يمكن أن تخدع هذه الدول شعوبها التي تراقبها ولا يمكن الاعتراف بالانقلاب بحق رئيس منتخب، ولو كان بمقدورهم ذلك لفعلوا.. هم يتلكأون ويتراجعون في ذلك لأنه غير شرعي وهذا مفروغ منه. حتى أنهم يتفلّتون من التزاماتهم، لكن الكلام العلني يختلف، ولو طرحت المظالم التي جرت على جهات دولية عندها لن تستطيع التفلت.. يعني أن الإدارة الأمريكية مثلا تحترم حقوق الإنسان في بلادها وتنتهكها في الخارج ولا تقبل بالمحاكمات العسكرية لكنها في كوبا تحاكم الأجانب عسكريا وهكذا.. وإن كنت شخصيا لا أميل إلى إثارة تلك القضايا التي تخص بلدي دوليا، فالغرب والأمريكان يستغلون هذه الاستعانة لخدمة مصالحهم هم لا مصالح مصر. - ترافعت في الجزائر عن المتهم المصري، ياسر سالم، وتعاملت مع القضاء الجزائري، كما أنك ترافعت عن متهمين في مختلف دول العالم.. كيف ترى تعامل القضاء الجزائري مع قضايا الإرهاب، وما تقييمك له مقارنة بالقضاء في العالم؟ الحقيقة استفدت كثيرا من تجربة الترافع أمام القضاء الجزائري، وتعاونت مع نقابة المحامين في العاصمة فكانت رفيعة المستوى في الضيافة وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لأداء عملي وتعاونت مع لفيف من الزملاء المحاميين الجزائريين الذين قدموني على أنفسهم في لفتة أخلاقية ودودة. الإجراءات أمام محكمة الجنايات كانت سهلة جدا، وكان جهد المحكمة في المرتين لافتا لأن يذهبا عني أي توتر.. وفي النهاية لا أستطيع التعقيب على الحكم فالحكم عنوان الحقيقة. - وقفت خلال ما سمي ب"الأزمة الجزائرية المصرية" سنة 2009، في وجه زملائك المحامين، ممن أقدموا على حرق العلم الجزائري، واتهمت آنذاك نظام مبارك، نريد لو تطلعنا كيف تمت معاملتك بعد جهرك بتلك الآراء والمواقف؟ كانت أزمة عصيبة، انتصرت فيها للمبادئ والقيم بعيدا عن العصبية المقيتة، وتعرضت لحملة إعلامية عنيفة وسارع زملاء محامون لاتهامي بأني أبلغت الجزائريين حول ما فعلوه، وقد استغلوا ذلك في انتخابات المكتب الدائم للمحامين العرب حينما ترشحت لعضويته بالدار البيضاء ، لكن لو عاد الزمن مرة أخرى لفعلت ذات الفعلة، فالجزائر وشعبها العظيم يستحقون المحبة.. شعب جاهد جهادا عظيما وقدم آلاف الشهداء لا يستحق أن يهان أو يهان علمه، ولا يمكن السكوت والصمت عن جريمة إحراق العلم الجزائري تحت أي مبرر أو عصبية جاهلية. - هناك من يرى أن "سيناريو العشرية السوداء" الجزائري، سيتكرر في مصر حال عدم الوصول إلى حلول سريعة للمرحلة.. ما ردك؟ كل المؤشرات ترشح لذلك طالما بقي الملف السوري دون حساب، فستتعاون أطراف عديدة على بقاء الملف المصري مجمدا، ولذلك يمكن قبول هذا التفسير إن بقي الأمر لفترة تحت بنادق العسكر ودبابتهم. والمتغير الوحيد الذي يمكن أن يقلب الموازين هو تحرك الشعب المصري.. لو تحرك وقرر، عندها لن تفلح أي جهود في إبقاء الحال على ما هو عليه لحين الانتهاء من الملف السوري، فأمريكا تريد أن تؤمن لإسرائيل السلامة أولا، ثم بعد ذلك يتوالى كل شيء. - ما قراءتكم للأزمة الحالية بين مصر وقطاع غزة، وكيف ترون من المنظور القانوني؛ الاتهامات التي توجهها الحكومة المصرية لحركة حماس وحكومتها؟ هذه الأزمة مفتعلة، وهي من أهم أسباب ما يجري على الساحة المصرية. أمريكا ترتب ترتيبات في المنطقة ولن يكون لهذه الترتيبات جدوى مع بقاء الظهير المصري متمثلا في إدارة الإخوان متناغما مع حماس.. من هنا كان لا بد من إزاحة مرسي لتتوتر العلاقات بين حماس ومصر، والمفاوضات تجري عن كثب بين فتح والإسرائيليين وهنا كان لا بد من إضعاف حماس أيضا لئلا تكون لاعتراضاتها قيمة على الترتيبات التي يعد لها.