تشهد مدينة غرداية حالة من الفوضى بعد اندلاع اشتباكات عنيفة ليلة الأحد الماضي، بين مجموعة من المواطنين الذي ينتمون إلى العرب والمزابيين في عدة مناطق بوسط المدينة. ولا تزال المشادات مستمرة إلى غاية اليوم، حيث أسفرت الأحداث عن وقوع جرحى وسط المشتبكين، مع حرق مزرعتين وبعض السيارات والدراجات، وتعود الأسباب التي أدت إلى وقوع هذه المواجهات، إلى إقدام بعض سكان حي العقيد لطفي وباب الحداد على قطع الطريق العمومي وسط المدينة، احتجاجا على الانقطاعات المتكررة للكهرباء التي تعرفها المنطقة هذه الأيام، وهو ما قوبل برفض بعض شباب وسكان المنطقة الذين تدخلوا من أجل فتح الطريق، كما توجهوا لغلق مقر الجزائرية للمياه ردا على قاطعي الطريق، مما تسبب في وقوع مناوشات كانت طفيفة في البداية، لكنها كادت أن تأخذ أبعادا خطيرة، خاصة من العرقي، لولا سرعة تدخل عناصر الأمن التي تمكنت من احتواء الوضع. وقد عادت المواجهات بين الطرفين مرة أخرى، حيث اتسعت رقعة الاشتباكات، مما تسبب في عدة أعمال تخريبية أدت إلى حرق مقرات عمومية على غرار مقر الجزائرية للمياه، إضافة إلى حرق مزرعتين ومجموعة من السيارات والدراجات النارية. من جهتهم، أكد شاهد عيان في اتصال مع "البلاد" أن السبب الكامن وراء الأحداث التي تشهدها غرادية، يعود إلى التراكمات التي خلفتها بعض السلوكات من الطرفين المزابي والعربي، لتكون مسألة قطع الطريق شرارة اندلاع الأحداث، حيث انفجرت الأوضاع بعد التعدّي على بعض الشباب وحرق مركباتهم. أما عن تدخل العقلاء من أجل إخماد نار الفتنة القائمة بين العرب والمزابيين، فأفاد المتحدث، أن "بعض المشايخ والكبار هم من يحرض الشباب على الاستمرار في المواجهات"، حيث تعرف المنطقة أجواء احتقانية في الصباح، يسودها ترقب من الجهتين، لتعود الاشتباكات في الليل، حيث تتأزم الأوضاع. من جانبها، عززت قوات الأمن حضورها في المنطقة، حيث عرفت تواجدا مكثفا للشرطة وقوات مكافحة الشعب. هذه الأخيرة تدخلت من أجل التفرقة بين المتناحرين وإرجاع الأمن والهدوء للمنطقة، في محاولة منها لتفادي فتنة جديدة، خاصة بعدما شملت المواجهات قوات الأمن التي استعملت فيها القنابل المسيلة للدموع. وتعيد الأحداث التي تشهدها غرداية هذه الأيام، الأذهان إلى ما وقع في أزمة بريان سنة 2008، التي قتل على إثرها خمسة شبان، بعد الاشتباكات التي وقعت بين شباب المتسكانين وشباب المزابيين، وقام خلالها ملثمون بإحراق حوالي مائة منزل، مما استدعى تدخل عدة جهات على غرار السلطات العليا للبلاد وعقلاء المنطقة من أعيان ومشايخ الذين دعوا إلى الهدنة والتسامح وضبط النفس، واختتمت بتوقيع وثيقة صلح بين الطرفين بتاريخ 31 مارس 2009.