مر ما يقارب اليوم منذ اعلان المغرب سحب سفيره من الجزائر بسبب ما وصفه بالمواقف الجزائرية الأخيرة حول قضية الصحراء الغربية ، و خاصة تلك التي جاءت في رسالة لرئيس الجمهورية وجهها الى قمة عقدت في العاصمة النيجيرية أبوجا جدد فيها موقف الجزائر المعروف حول حقوق الانسان في المناطق التي تقع تحت الاحتلال المغربي. و رغم هذه المدة الزمنية التي تكفي لمعرفة موقف الجزائر الرسمي من هذه الخطوة المغربية ، الا أن الدبلوماسية الجزائرية آثرت ضبط النفس و عدم الظهور بمظهر المنفعل و الذي يرد من أجل الرد فقط ، فحتى وسائل الاعلام الرسمية من وكالة أنباء و اذاعة و تلفزيون لم تدرج خبر سحب الرباط سفيرها ضمن أخبارها ، على عكس الطرف المغربي الذي ما ان نطلع على أي من وسائله الاعلامية الرسمية حتى نغرق في تقارير و بيانات مسمومة ضد الجزائر. و لم تقتصر "الحملة الكرنفالية المخزنية" على هذا الحد بل وصلت الى حد تنظيم مظاهرة أمام السفارة الجزائريةبالرباط بعد سحب السفير المغربي مباشرة ، بلافتات كانت محضرة بعناية ضد الجزائر ، مما يدل على أن المخزن يريد استغلال هذه الحملة في اظهار أنه محل اجماع و التفاف شعبي في وسط الاحتقان الشعبي الكبير الذي يعيشه الشعب المغربي في الكثير من نواحي الحياة. كما أكدت تطورات الساعات الأخيرة أن السياسة الخارجية للجزائر تحكمها المبادىء و المساعي للحفاظ على العلاقات مع دول الجوار العربي و المغاربي تحديدا مهما كانت التحديات ، فلم تنجر خلف "الفخ" المغربي بالقيام باجراءات مماثلة و تسحب سفيرها ، بل برهنت أنها "تضع قضية الوحدة المغاربية فوق كل نقاش هنا و هناك" مثلما قال وزير الخارجية رمطان لعمامرة قبل أيام قليلة ردا على سؤال يتعلق بتصريحات أدلى بها وزير السياحة المغربي هاجم فيها الجزائر ضمن الحملة المخزنية ضدها. و من دون شك فان "الدبلوماسية الهادئة" التي تعتمدها الجزائر في مواجهة أزماتها مع الدول "الشقيقة" سوف تبين للجميع صدق نواياها في سبيل تكريس الوحدة العربية و المغاربية التي تراها جد ضرورية في مواجهة استحقاقات عالمية ملحة ، و ليست مجرد شعارات زائفة ترفع فقط في المناسبات و الخطابات الجوفاء. هذه التصرفات "الرعناء" التي يقوم بها المخزن اليوم تذكرنا بما فعله عام 2009 نظام حسني مبارك الذي أراد أن يلهي شعبه عن مشاكله المتراكمة بالتصعيد الاعلامي و الدبلوماسي ضد الجزائر ، قابلها تجاهل جزائري في الدبلوماسية و في الاعلام الحكومي ، قال عنه رئيس الحكومة حينها أحمد أويحي "ان تاريخ الجزائر يفرض عليها أن تترفع في الدخول في مثل هذه الصغائر"، فالجزائر لم تبرز يوما "عضلاتها" أمام الدول الشقيقة و خاصة دول الجوار ، فالبرغم من المشاكل التي حصلت بينها و بين المغرب الا أنها حافظت على هدوئها و حكمتها دائما ، على عكس المخزن المتسرع في قرارته المنفعلة ، ألم يقرر غلق حدوده مع الجزائر عام 1994 ، و هو اليوم يستجدي اعادة فتحها ؟ !