- لدينا محطتان للإذاعة والتلفزيون.. وفنانونا يشتكون التهميش الإعلامي يتحدث مدير دار الثقافة "مفدي زكريا" بورڤلة أحمد خوصة، عن واقع قطاع الثقافة بالولاية التي يصفها ب"عاصمة الجنوب الجزائري"، ويعدد المشاكل التي تعاني منها دار الثقافة أو "المؤسسة الثقافية الوحيدة" في المنطقة، ويتأسف ل"العزوف الإعلامي" عن الزحم الثقافي الذي تكتنزه ورڤلة. - نظمتم مؤخرا الملتقى الوطني الأول حول "دور الإعلام الثقافي في تنمية الفعل الثقافي بالجزائر".. كيف جاءتكم الفكرة؟ أولا يجب توضيح أمر، وهو أن ورڤلة لديها زحم ثقافي كبير جدا وطاقات إبداعية بأتم معنى الكلمة، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المفكرين والأدباء، ويكفينا فخرا أن الولاية يوجد فيها الشاعر الكبير محمد الأخضر السائحي، وهو ابن المنطقة، كما أن المنطقة مر بها العديد من الأدباء الكبار، بمعنى أن دار الثقافة لم تبدأ من الصفر، وإنما ارتكزت في عملها على هذا الإرث الثقافي الثري، بمعنى أن هناك منجزات سبقتنا.. وقبل هذا الملتقى نظمنا تظاهرات عديدة من بينها ملتقى محمد الأخضر السائحي وشاركت فيه مجموعة كبيرة من الدكاترة، بالإضافة إلى الملتقى الأول للشعر الصوفي الذي نظمناه السنة الماضية ولاقى تجاوبا كبيرا بمشاركة أساتذة من كل أنحاء الوطن. ومن هنا، أريد القول إننا نرغب في أن نكون مميزين في هذه الولاية، بمعنى طرح الأشياء التي لم تطرح سابقا، ونرى أن هذا الزخم الثقافي الذي تتميز به المنطقة لا يرافقه اهتمام إعلامي.. وعليه أردنا رفع ما يمكن أن نسميه بالغبن عن الولاية.. وأخبرك أيضا أننا نظمنا هذه السنة ثمانية نشاطات ذات طابع وطني، أي بمعدل نشاط في كل شهر تقريبا، لكن التعاطي الإعلامي مع هذا لم يكن موجودا.. وحتى المعرض الوطني للفنون التشكيلية الذي جمع أكثر من 25 فنانا من مختلف أنحاء الوطن، ومنذ 2006 لم تنظم تظاهرة بهذا الشكل، لكن للأسف تجاهلها الإعلام.. ومن هذا كله جاءت فكرة تنظيم ملتقى وطني حول الإعلام الثقافي لمناقشة هذه الأمور. - كم يبلغ عدد المراسلين الصحافيين في ورڤلة تقريبا؟ كثير.. وتوجد أيضا مكاتب جهوية لمختلف الصحف الوطنية، كما أن ورڤلة محظوظة كونها تتوفر على محطتين جهويتين، واحدة للتلفزيون الجزائري وأخرى للإذاعة. - تتحدث عن "غبن إعلامي" ولديكم أضخم وسيلتين.. الإذاعة والتلفزيون هذا صحيح، لكن أتصور أن التلفزيون ربما، قد لا يتمكن من تغطية كافة التظاهرات في الولاية، أو أن لديه العديد من الأولويات.. وقد تحدثت في هذا الأمر مع مدير المحطة الجهوية للتلفزيون وشرح لي الأمر، وعلمت أن هناك عجز في الكاميرات والوسائل وشيء من هذا القبيل. - طيب.. على الأقل تنظم لقاءات دورية مع المراسلين الصحافيين لمناقشة هذا الموضوع.. أنا عينت كمدير لدار الثقافة في ماي 2011، وفي سبتمبر من نفس السنة عقدت ندوة صحافية للتعريف بالمؤسسة واستراتيجية عملها وخططها المستقبلية، ودعونا كثيرا من المراسلين لكن قلة قليلة من حضرت.. يعني تقريبا وجهنا الدعوة ل15 مراسلا وحضر ثلاثة فقط، ولسنا ندري سبب هذا العزوف غير المبرر.. وبطبيعة الحال أنا لا يهمني الإشهار لنفسي أو أن يقول هذا أو ذاك إن دار الثقافة قامت بهذا الشيء.. لكن أتصور أنه من حق فناني ومثقفي المنطقة أن ينالوا فرصة للظهور والتعريف بإبداعاتهم. وأعتقد أن الاهتمام الإعلامي بهم يعطيهم دفعا وحافزا لبذل المزيد، لكن الواقع أن كثيرا من فناني ومثقفي ورڤلة والجنوب الجزائري عموما يرون أنهم مهمشين في هذا الجانب. - لاحظنا أن غالبية المداخلات في ملتقى الإعلام الثقافي حملت المسؤولية كاملة للصحافيين والمراسلين.. ألا تعتقد أنكم كمؤسسات ثقافية تتحملون جانبا من اللوم أيضا؟ هذا صحيح.. ليس الإعلام وحده من يتحمل المسؤولية.. نحن أيضا مذنبون.. وقد لامنا بعض المراسلين في أكثر من مرة من عدم تزويدهم ببرنامج النشاطات الثقافية قبل تنظيمها بمدة تكفيهم للكتابة عنها والترويج لها. - ألا تعتقد أن دار الثقافة في ورڤلة هي ضحية موقع غير مناسب تسبب في عزوف من طرف الجمهور عن نشاطاتها؟ هذا صحيح، وقد بحثت في هذا الأمر جيدا.. أقول لك إن دار الثقافة "مفدي زكريا" تأسست في 1985، وفي ذلك الوقت كانت هناك نية لتكون في هذا الموقع دار الصناعات التقليدية ودار ثقافة وقصر مؤتمرات وساحة كبيرة والعديد من المنشآت والهياكل.. يعني شارع للثقافة إن صح التعبير، ومجمع ثقافي ضخم، وتم الحديث عن هذا المشروع في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، لكن ما وقع هو أن كل المشاريع الثقافية التي برمجت حولت لأخرى من بينها مصحة ومقر بلدية وثكنة عسكرية وغير ذلك، بمعنى حوصرت دار الثقافة بكل هذه المقرات. - مع من أثرت قضية موقع دار الثقافة؟ مع مدير الثقافة بالولاية وبعض المنتخبين المحليين ونواب "البرلمان" وأعضاء في "مجلس الأمة" وقلت لهم إننا مستعدون للتنازل عن مقر دار الثقافة مقابل الحصول على آخر يليق بنا، واقترحت عليهم حتى الموقع البديل. - ما هو الموقع البديل؟ هي محطة نقل المسافرين الواقعة على الطريق الوطني المؤدي إلى غرداية، واقترحت أن تحول إلى مركب ثقافي كبير يضم دارا للثقافة ومسرحا وقاعة سينما وفضاءات للمطالعة العمومية وغير ذلك، وطبعا هذا الموقع يوجد في منطقة عمرانية جميلة جدا وآهلة بالسكان.. لكن للأسف وصلني من أصداء عديدة أن الموقع الذي اقترحته سيحول إلى سوق عمومية، في وقت كان ملائما جدا ليحتضن مركبا ثقافيا بالشكل الذي شرحته لك.. وبطبيعة الحال لا يمكننا ترميم الدار الحالية لأن ذلك يتطلب أموالا طائلة، والأحسن هو الحصول على مقر جديد وملائم. - ماهي النشاطات التي تنظمها دار الثقافة حاليا؟ حاليا لدينا معرض للكتاب تنظمه "دار الأنيس" وفيه مجموعة كبيرة من العناوين في مختلف المجالات، بمعنى لدينا معارض دورية للكتاب بمعدل كل شهر تقريبا، ولدينا دار نشر أخرى ستنظم معرضا.. كما لدينا متحف دائم مفتوح للفنون والصناعات الخاصة بمنطقة ورڤلة واللباس التقليدي، وأسسناه منذ سنة تقريبا ونريد تطويره أيضا. - هل يلقى إقبالا.. وأنت تعرف مقولة "الجزائريون لا يحبون المتاحف"؟ نعم هناك إقبال عليه، وحتى من يزور ورڤلة يأتي للتعرف على عادات وتراث المنطقة فيه.. بالإضافة إلى المتحف، لدينا المعرض الولائي الثاني للفنون التشكيلية وسجل مشاركة 17 فنانا من أبناء المنطقة أي من حاسي مسعود وتڤرت ومن كل مناطق الجنوب ويشارك فيه شباب وخريجو معاهد وطنية للفنون الجميلة وأساتذة وفنانون. - حدثنا عن المكتبة التي تتوفر عليها دار الثقافة. فيها 35 ألف كتاب و14 ألف عنوان تقريبا، وتعود لسنة 1985، لكن لم تجدد لغاية الآن، ولدينا نية لإعادة طريقة التنظيم. - علمنا أنك بمجرد تعيينك مديرا قررت رفع قيمة الاشتراك في المكتبة من 200 دينار إلى ألف دينار.. ألا ترى أنك "تطرد" جمهورك بهذه الطريقة؟ نقطة مهمة جدا.. عندما أتيت للمكتبة وجدت أن 5 آلاف كتاب ضاعت، ولا نستطيع متابعة الناس مثل الجامعات، فالطالب لما يأخذ كتابا لا توجد طريقة لملاحقته وعندما نقول 5 آلاف كتاب يعني 200 مليون سنتيم، وبالتالي قررنا رفع قيمة الاشتراك فيما يتعلق بالإعارة الخارجية، أما الداخلية بقيت كما هي، أي 400 دينار.. ورفع القيمة إلى ألف دينار ليس تنفيرا للجمهور من المكتبة وإنما قرار الغرض منه المحافظة على الكتاب وإعطاء قيمة له، فلا يستعير الكتاب بهذا، إلا من يكون بحاجة إليه فعلا.. صحيح أن البعض عارضني على هذا، لكنها تبقى وجهة نظري التي قد أكون مخطئا أو مصيبا فيها. - ماهي النوادي والورشات التي تتوفر عليها دار الثقافة "مفدي زكريا"؟ لدينا العديد من النوادي وهي نادي الأطفال فيه برنامج بيداغوجي يمتد على مدار الأسبوع ومنوع، وهناك إقبال ضيق عليه ونحن في محاولة لإقناع الناس، بالإضافة إلى ناد للفنون التشكيلية وورشة الموسيقى للتدريس مع أربع فرق موسيقية في مختلف الطبوع، ولدينا أيضا ورشة للإعلام الآلي، ونخطط لإنشاء فضاء للأنترنت و"ميدياتيك"، وناد للأبحاث التاريخية يشرف عليه أحد أعيان المنطقة وهو سليمان حكوم، ومقهى أدبي أسبوعي ونادي التواصل الأدبي الذي يتهم بإصدارات الكتب الجديدة، ونادي الشعر الشعبي، إلى جانب نادي السمعي البصري ونادي المسرح ولدينا العديد من الفرق المسرحية التي تنشط بدار الثقافة واحتويناها لأنها لا تملك فضاءات.. ونتوفر أيضا على نادي اللغات الذي سنفعله قريبا. - كيف لدار ثقافة ذات إمكانات مادية محدودة جدا أن تنجز كل هذا؟ صحيح أن إمكاناتنا محدودة، ولكن يجب أن يكون للمرء إرادة ويعرف كيف يشتغل.. وأنا محظوظ لأنه لدي طاقم إداري ممتاز ساعدني كثيرا في هذا.. وأقول لك أخيرا إن ورڤلة عاصمة للجنوب الجزائري كله، وأتمنى أن العائلة الثقافية في الولاية تساعدنا ويأتي الجمهور لدار الثقافة ويساهم في نشاطاتها وأبوابنا مفتوحة للجميع.