* أسدلتم الستار هذا الأسبوع على الموسم الثقافي الحالي للجاحظية، فكيف كان؟ ** توفي الطاهر وطار في الوقت الذي كان ينبغي أن نحضر خلاله النشاط السنوي لهذا الموسم، لكن يد الموت كانت أسرع من فعل ذلك، الأمر الذي ولّد الإحساس بالفراغ والتردد والملل، ولقد كان دخول الموسم مفاجأ، لم نستطع خلاله أخذ المسافة الزمانية الكافية للتحضير، وبالتالي وقعنا في فخ الارتجال في وضع البرنامج، وبالطبع الأمر الذي جعلنا نسيّر البرنامج شهرا بشهر، ولا ننكر أن ذلك كان له أثر على النوعية والمردودية، وتبقى سنة انتقالية، وإذا وضعناها في إطار تلك الظروف فتبقى عادية. * وماذا عن البرنامج المسطر للموسم المقبل؟ ** يبتسم، سوف نعمل على تحسين مستوى النشاطات الأسبوعية المعتادة، وبالموازاة مع ذلك سنعمل على تنشيط النوادي القطاعية والنوادي المتخصصة ونتبع النشاطات أينما كانت سواء في الأحياء أو في القرى أو حتى في الأحياء الجامعية، وحيثما يكون النشاط سوف نكون، لأن همنا هو البحث عن الأماكن المحتملة لتواجد المواهب، وسنعمل زيادة على ذلك على خلق ملتقيات ومحاضرات أكاديمية ليس على المستوى الوطني فحسب بل على المستوى العربي كملتقى الطاهر وطار الفكري، وكذلك سنسعى لجعل مجلة التبيين مجلة ثقافية شهرية إذا وفرنا لها الحد الملائم من الإمكانيات المالية، لأن المادة متوفرة ونحن على اتصال مع كل الأساتذة الجامعيين، وغطينا هذا الجانب ويبقى الأمر بالنسبة للتمويل الذي سوف نحله بإذن الله. * هل ستستمرون في بعث جائزتي الهاشمي سعيداني ومفدي زكريا؟ ** مسألة جائزة مفدي زكريا مفروغ منها وستنظم في أوانها إن شاء الله وحتى الآن فإن مادتها وصلت وسنشكل في شهر سبتمبر المقبل لجنة تحكيم وتنظيم، لأنه كما تعرفين تحولت من جائزة مغاربية إلى جائزة عربية ولهذا فنحن سوف نواصل بعثها، وستكون في شهر نوفمبر أو ديسمبر المقبل، يبقى الإشكال فيما يخص جائزة الهاشمي سعيداني للرواية والتي أسّسها المرحوم الطاهر وطار شخصيا وأوقف لها وقفا خاصا به وهو عبارة عن كل شقة له في ساحة أول ماي، لكن بعد وفاته أصبحت ملكا لورثة المرحوم وليس من حق الجمعية التدخل فيها ولهذا سوف نبحث عن ممول آخر، فإذا وجدناه فإن الجائزة ستستمر، أما إذا لم نجد لها ممولا وقررت عائلة الطاهر وطار الاحتفاظ بالشقة فسوف تتوقف الجائزة. * : هل يسمح مقر الجاحظية المتواضع لإقامة هكذا نشاطات؟ ** يضحك، نحن نسعى إلى إعادة ترميم المقر، ورغم أن الإمكانيات المادية لا تسمح بإحداث الترميمات المطلوبة، لكننا سوف نسعى مع السلطات المعنية ومع بعض الخواص لإعادة الترميم سواء كان ذلك لكل المقر أو جزء منه، وسوف نعمل بالمقابل على تفعيل بعض المرافق الخاصة بالجمعية كالمكتبة التي سوف تصبح مستعملة في الموسم المقبل، وكذلك سنفعل الأستوديو السمعي، ونعمل به على تسجيل المحاضرات الأكاديمية وتوزيعها على الجامعات والهيئات المعنية وبالإضافة إلى ذلك سنجدد تجهيز المطبعة لتصبح أكثر مردودية، ونفكر في الاشتراك في المكتبات الالكترونية العالمية حتى تصبح مستعملة من طرف الباحثين. * بهذه الوعود والآمال هل يعني أنكم سوف تُسيّرون الجاحظية أحسن مما كانت عليه أيام مؤسسها؟ ** "يتردد" هذه هي سنة الحياة ولو بقي الطاهر وطار لعمل على تطوير الجمعية، والجاحظية كما يعرف الكل ولدت من عدم ثم اشتغلت في غرفة ضيقة ثم بعد ذلك تحصلت على هذا المقر وهي دائما في نماء مستمر، وبطبيعة الحال لو بقي الطاهر وطار لعمل على تطويرها، وتبقى مسألة الطابع الشخصي فلكل واحد عاداته، طاقاته وتصوره للأشياء، ونبقى دائما مرتبطين بشعار الجمعية وهو "لا إكراه في الرأي" وهو مستنبط من آية كريمة وهي "لا إكراه في الدين"، وبالتالي سوف نستمر رغم الاختلاف على نفس المبدأ وهو التحدي والعمل. * قبل انعقاد المؤتمر الانتخابي للجمعية كان هناك شبه إجماع على فوزكم بالرئاسة ما سر هذه الثقة؟ ** : فعلا فقد كان داخل المجموعة المنتسبة للجاحظية كان هناك إجماع على أن أكون خليفة الطاهر وطار بالنظر لعدة عوامل، أولا لأن وطار كان رفيقي لما يقرب الأربعين سنة من العمل جنبا إلى جنب، وللتقارب الكبير والتجربة في مسألة تسيير الجمعية والخبرة في ذلك، ودخولي التقاعد وتفرغي التام لخدمتها، الأمر الذي أبقى الجاحظية تعبر على ما مرت به الجزائر وهو لمواصلة الطاهر وطار في الجمعية واكتسبت تلك الصفة منه. * كانت الجاحظية تسعى لأن تكون خارج أي وصاية سياسية لكن المؤتمر الانتخابي أسندت رئاسته لبرلماني وهو قارعلي إبراهيم، ما تعليقكم على هذا التناقض؟ ** يسكت، هناك فرق بين أن تأخذ الجمعية موقفا حزبيا وبين أن يكون فيها أناس ينتمون إلى حزب سياسي، وهذا موضوع آخر، ولهذا فإن الجاحظية جمعية ثقافية مفتوحة لكل الآراء وكل الأفكار والتوجهات، ولن نسأل أحد على انتمائه الحزبي. وفي الجمعية لانأخذ مواقف حزبية، وهدفها واضح وطريقها وموقعها واضحان، أما بخصوص رئيس المؤتمر فهو مثقف معروف والبرلماني لايعني أن يكون لديه موقعا سياسيا، وليس إداريا يتولى الوصاية، بل هو نائب تنتهي عهدته ليصبح مواطنا عاديا وانتماؤه فهو حر فية ولادخل للجمعية به. *استدعيتم في حفل الاختتام وزيرة الثقافة، وزير البيئة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والبلدي، ولم تستدعوا الأعضاء المؤسسين لماذا؟ *صحيح فقد جاء حفل اختتام الموسم الثقافي نائبا عن رئيس المجلس الشعبي الوطني، أما وزيرة الثقافة ووزير البيئة فلم يحضروا، وذلك لأنهم كانوا في عطلة، أما عن عدم استدعاء الأعضاء المؤسسين فهم لايحتاجون إلى الاستدعاء سواء مؤسسين أو غير مؤسسين، ولم يأتي أحد وأعدناه، لأن الجاحظية منزلهم ولا يعقل أن ندعوا أهل الدار. * ماتعليقكم على البيانات الصحفية التي أصدرها هؤلاء الأعضاء؟ ** لم أقرأ شيئا ولم يصدر شيء !! باعتباركم كنتم عضوا في الجمعية قبل وفاة مؤسسها، ما خلفية استقالة واسيني الأعرج بعد ستة أشهر؟ ** "يتردد "واسيني الأعرج كان من بين جملة الناس الذين اخترناهم ليكونوا من الأعضاء المؤسسين، وجاءت الظروف الأمنية ووجد نفسه مهددا ثم غادر إلى الخارج، وهكذا إضافة إلى مشاكله مع الطاهر وطار وبينه وبين بوجدرة، وبين رشيد بوجدرة والطاهر وطار وهي مشاكل تحدث بين الفنانين، لأن الفنانين هم هكذا انفعاليون ويغضبون لأبسط الأشياء وخصوصياتهم كذلك مبنية على أرضيات حساسة، وقد رأينا معارك ساخنة على صفحات الجزائر ولأسباب بسيطة. * وماذا عن الدكتور أحمد منور؟ **أحمد منور انسحب في ما مضى، ثم عاد في ظروف غير واضحة ثم عاد وانسحب وكتب في الصحافة أشياء الأفضل أن نترك للزمن أن يجيب عن الأسئلة ولا أسارع حتى ولو سارع البعض في لحظات ضعف أو إنفعال ونترك العمل هو الكفيل بالرد، لأن لغة الهدم من أسهل الحلول، أما البناء فهو الأصعب دائما. * نشر الروائي واسيني الأعرج مقالة في الانترنيت، قال فيها أن الواقفين من وراء المطالب أناس كانوا مدراء ، برلمانيين أو مسؤولين إداريين، يريدون العودة إلى المنبع السريع الذي زادت سيولته ما تعليقكم؟ **"يتردد " من يتحدثون يعرفون جيدا من يستفيد من الريع البترولي، وهناك حتى من هم على استعداد لبيع حتى جنسياتهم من أجل مصالحهم وربما أكثر من ذلك، وهذا الكلام هو ثرثرة لا محل لها من الإعراب وكلام غامض وهو أقرب إلى الشعوذة منه إلى الكلام الفكري وكلام المثقفين، وهو غموض المشعوذين، وواسيني الأعر ج كنت أعرفه جيدا منذ أن كان طالبا في السنة أولى جامعي وكنت صديقا له وتتبعت مختلف المراحل، وكان يأتي إلى منزلي ثم ذهب إلى الخارج، ولم يكن هناك إشكال بيننا، لهذا أنا مستغرب لهذا القول ولما قرأت المقالة تفاجأت، ولهذا أكرر أنها ثرثرة لامحل لها من الإعراب. * قلتم فيما سبق أن الثقافة في الجزائر محصورة في ابراجها العاجية كيف ذلك؟ ** هذ اصحيح، لأنه كما نلاحظ كل النشاطات الثقافية المهمة تقام إما في قصر الثقافة، المكتبة الوطنية أو في الفنادق ذات الخمس والست نجوم، ونجد في هذه الأماكن أناس لايحتاجون إلى ثقافة ولهم من الوسائل ما يتحصلون بها على كل أشكال التثقيف، ولديهم الإمكانيات والانترنيت وبمقدورهم شراء الكتب، لهذا فالملاحظ هو بقاء الثقافة مغلقة تدور في حلقة جعلت الجمهور أيضا نفسه وكل الناس يعرفون بعضهم، فكيف يمكن للناس أن يتثقفوا إن لم تنزل هي إليهم. وماذا عن الميزانية التي تخصصها وزارة الثقافة؟ ** إلى حد الآن كل ما تقدمه وزارة الثقافة هي مشكورة عليه، وقد بذلت مجهودات جبارة رغم أنه مازلنا نعاني من الفراغ القانوني في المجال. كيف ذلك؟ ** بالنسبة للجمعيات الثقافية ربما احتجت إلى إعادة ترتيب الأولويات مثلا أولوية النشاط الفكري على النشاط الأدبي أو على النشاط المسرحي والنشاط الغنائي، ولهذا فإن ذلك الأمر يحتاج إلى تفكير جماعي لإعادة الترتيب وإعطاء كل ذي حقوقه، ولكن ذلك لايمنع من القول بأن الوزارة تصرف الميزانية الخاصة بجمعيتنا في وقتها المحدد. *ما رأيك في نشاطات السداسي الأول للموسم الثقافي الحالي؟ ** في هذه السنة نلاحظ أن النشاطات الثقافية كانت خافتة على الأقل على المستوى الإعلامي، ويرجع ذلك في رأيي إلى انصراف المسؤولين إلى تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية والذي يستحق كل جهد بغض النظر عن النقائص، ولهذا فإن هذا الموسم الثقافي عرف نشاطات ثقافية ضعيفة بسبب غياب خطة إعلامية لاستثمار وتسويق الجهود عربيا وإسلاميا وعالميا *كلمة أخيرة؟ ** ما أريد قو له هو أن الجاحظية ستكون بين أياد أمينة وسوف نعمل بكل ما أوتينا من قوة للسير بها إلى أفاق أرقى، وسنحاول قدر الإمكان تحقيق كل ماسطرناه من برنامج وما قدمناه من وعود ونثبت للعدو قبل الصديق أننا قادرون على حل هذا المشكل الذي تركه الروائي الراحل ومؤسس الجمعية الطاهر وطار، والذي كان يوصي بها أكثر من أولاده، ونترك العمل هو الكفيل بالرد على كل من تحدّث عنها أو عنا وستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا.