بوداود ل"البلاد": يستحيل تسليم المشاريع في 24 شهرا لم تتمكن تطمينات وزير السكن والعمران والمدينة، عبد المجيد تبون، بخصوص عدم سماحه بتكرار سيناريو عدل 2001 و2002 على البرنامج الجديد أو ما يعرف ب«عدل 2"، في تبديد مخاوف المكتتبين من تأخر تسلم سكناتهم، بالرغم من أن الوزير نفسه التزم بتسليمها في ظرف 24 شهرا، أي قبل نهاية الثلاثي الأخير من سنة 2016. وكشف عدد من المدراء الولائيين للسكن في تصريحات ل«البلاد" أن المهلة المحددة ب24 شهرا، التي تعهد الوزير بتسليم 230 ألف وحدة سكنية من صيغة البيع بالإيجار "عدل" خلالها لن تكون كافية، ولن يتمكن العدد الأكبر من الولايات من تسليم حصصهم من برنامج عدل 2 في آجالها. وأكد مدير للسكن بولاية شرقية ل«البلاد" أن مشاريع عدل2 انطلقت في 16 ولاية فقط، في حين أن 32 ولاية المتبقية لم تتقدم أي خطوة في هذا الخصوص. وبالنسبة للولايات التي انطلقت فيها الأشغال، فإنها الآن بصدد القيام بدراسات الخبرة لمعرفة مدى ملاءمة الأرضية المختارة لاحتضان المشاريع السكنية لشروط البناء، أو أن تقدمها في المشاريع لم يتجاوز اختيار المكاتب التقنية التي تقوم بإنجاز دراسات الخبرة، وهو الاختيار الذي يتم على المستوى المركزي، أي أن الوزارة هي من يحدد المكتب المكلف بالدراسة في كل ولاية، بعد تمكن هذه الأخيرة من الحصول على الأرضية المخصصة للبناء وإتمام كافة المعاملات القانونية للشروع في استغلالها بهدف بناء سكنات عدل. وتعد الولايات الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية والتي استفادت من حصص أكبر من برنامج عدل 2، أكثر الولايات التي تعرف تعثرا في انطلاق إنجاز المشاريع، بسبب تأكيد السلطات المحلية في هذه الولايات عدم توفر الأوعية العقارية التي يمكن تخصيصها للبناء، خاصة المتواجدة منها بوسط البلاد وغربها على غرار العاصمة، تيزي وزو، بومرداس، البليدةوهران وتلمسان، وباستثناء الجزائر العاصمة التي استفادت من حصة الأسد من البرنامج ب90 ألف وحدة سكنية، والتي باشرت دراسات الخبرة في كل من ضواحي سيدي عبد الله، الكاليتوس، براقي، بابا حسن، وبوينان، فإن المشاريع في الولايات الأخرى المذكورة ما تزال لم تنطلق، وحتى الأوعية العقارية لم تحدد بعد، ما يصعب الالتزام باحترام آجال التسليم المحددة ب24 شهرا. في حين تعد ولايات الشرق الأكثر تقدما في المشاريع، ولو أن تقدمها الآن مقتصر على الانتهاء من اختيار الأرضيات وإعداد دراسات الخبرة، وتعتبر كل من سطيف، المسيلة والجلفة أهم الولايات التي بدأت في عملية الإنجاز. وفي شق متصل، كشفت المصادر أن عددا من المؤسسات الأجنبية التي تم اختيارها من قبل وزارة السكن، إلى جانب مؤسسات وطنية ضمن ما يعرف ب«القائمة القصيرة" التي تضم 60 مؤسسة، تتكفل بإنجاز برنامج عدل 2 المتمثل في 230 ألف وحدة سكنية، ليست متواجدة بعد في الجزائر، حيث لم تباشر لغاية الآن معاملات الدخول للانطلاق في عملية الإنجاز، ماعدا بعض المؤسسات الصينية. كما أن دراسات الخبرة التي سبق وأن صرح الوزير بإسنادها إلى مكاتب دراسة عالمية أمريكية وكندية وبرتغالية واسبانية إلى جانب مكاتب وطنية مؤهلة، تكفلت بها في الولايات التي اختارت الأرضيات مكاتب دراسات وطنية وصينية انتقتها الوزارة، في حين أن المكاتب الدولية الأخرى التي أعلن عنها تبون غائبة تماما. من جهته أكد رئيس المجمع الجزائري لخبراء البناء والمهندسين المعماريين، عبد الحميد بوداود في حديث ل«البلاد"، أنه من المستحيل إنجاز 230 ألف وحدة سكنية في مدة 24 شهرا، مثلما سبق وأن تعهد به الوزير عبد المجيد تبون، بالنظر إلى المعطيات التي تؤكد عدم إمكانية ذلك، فالقائمة القصيرة التي شكلتها الوزارة والمكونة من 60 مؤسسة مختلطة أجنبية وجزائرية، معظمها لم يقم بعد بإجراءات الدخول للجزائر لإنجاز المشاريع الموكلة إليها، ماعدا عدد من المؤسسات الصينية المتواجدة قبلا والتي تتكفل حاليا بإنجاز مشاريع أخرى تزامنا مع استفادتها من صفقات مشاريع عدل 2. كما أن عددا كبيرا من الولايات لم تتمكن بعد من إيجاد الأرضية المناسبة للبناء، خاصة الولايات الكبرى والساحلية. وتساءل الخبير في البناء والهندسة المعمارية كيف ستتمكن الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره "عدل" من إنجاز برنامج 230 ألف وحدة سكنية في 24 شهرا، والوزير نفسه اعترف في وقت سابق بعدم توفر اليد العاملة المؤهلة في قطاع البناء، وبالتالي حتى لو شرعت هذه المؤسسات المختلطة الجزائرية والأجنبية في الإنجاز من الغد لا يمكن احترام آجال التسليم المعلن عنها من قبل الوزارة لانعدام اليد العاملة، وكذا لغياب استراتيجية واضحة مسطرة من قبل وزارة السكن أو وكالة عدل. حيث أوضح المتحدث أنه لو كانت الوزارة تسعى فعلا إلى تسليم المواطنين سكناتهم في آجالها، وعدم تكرار مسلسل عدل 2001 الذي مدد آجال التسليم إلى 10 سنوات كاملة، لما سمحت بتسجيل أكثر من مليون طلب سكن على صيغة البيع بالإيجار، ثم قامت بعملية التدقيق والتحقيق في الاكتتابات، ثم شرعت في الرد على المكتتبين، ثم تطالبهم بإرسال ملفات ثانية تكون أكثر تفصيلا، مضيعة الوقت في هذه الإجراءات ليصبح عدد المستفيدين في النهاية أقل بعشرات المرات من عدد المسجلين، مشيرا إلى أن الاستراتيجية التي كان يتعين على الوزارة تسطيرها لتوزيع سكنات برنامج عدل الجديد، كان يجب أن تجبر البلديات على تحديد قوائم تحصي عدد قاطنيها ممن يستوفون شروط الاستفادة من سكن "عدل"، وبهذا تتم معرفة حاجة كل بلدية من السكن، على هذا الأساس تمنح الحصص لكل بلدية بطريقة عادلة، ويجنب المواطن عناء الإجراءات البيروقراطية. كما تتفادى مصالح الوزارة تضييع الوقت، وتسلم السكنات في آجالها لمستحقيها.