كشف الباحث في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي أن تجربة الاستعانة بالأعيان والشيوخ بولاية غرداية أثبتت فشلها ولم تعد تأتي بنتيجة، لأن الشباب استغنوا عن المؤسسة التقليدية وأصبحوا يميلون إلى المؤسسة العصرية التي تمثلها الدولة والإدارة. وأكد جابي ، في حديثه "ل«البلاد" أمس، أن فشل البناء الوطني بغرداية المتمثل في الأزمات الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية تجاوز الخصوصيات العرقية والمذهبية والدينية. وأضاف قائلا "ما يحدث في غرداية مظهر من مظاهر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، والأزمة الطائفية أو العرقية زادت الأمور تعقيدا". وقال المتحدث إننا أمام حركات شبانية جديدة، وهذا طابع سوسيولوجي جديد، وأمام شباب لهم علاقات وقدرة على التعامل مع تكنولوجيا الاتصالات، وهم على دراية بكل التطورات السياسية والاجتماعية الحاصلة في البلاد وفي المحيط الإقليمي والدولي أيضا، ولديهم طموحات نوعية أكبر من طموحات كبار السن، ولديهم قدرة على متابعة التجارب الناجحة في التغيير، كما أن ثقافة الشباب بغرداية عامل مؤثر في الحراك الشباني، بحيث إن هناك تغييرا ثقافيا ونوعيا للشباب في المناطق الجنوبية، في مقابل أن لدينا دولة تبني جامعات وتغير ثقافيا وتنشر التعليم، لكن لدينا نظاما سياسيا لا يعرف مخارج التغيير ولا يحسن تسييره، كما أن الرجل السياسي في الجزائر لا يحسن التواصل مع الناس، وإذا تكلم أضحك وأحدث كوارث، والرجل السياسي في الجزائر لا يريد الحديث مع الشعب وليس لديه الرغبة في التخاطب معه، بالنسبة إليه هو يعطي الأوامر للشعب الذي عليه أن ينفذ دون أن يناقش، والمسؤول السياسي لا يجد نفسه مطالبا بشرح قراراته أو الخضوع للمحاسبة. ويرى جابي أن مشهد غرداية سيبقى يتكرر وربما أحداث هذا الأسبوع لن تكون الأخيرة، وقد تندلع في مرات أخرى لأسباب عديدة وكثيرة، لأن مشكل غرداية حسب جابي عميق ومشترك، مما يجعل هذه الأحداث قابلة للتجديد بهذا الشكل في كل مناسبة لأتفه الأسباب. وتوصل جابي في تحليله للوضع الراهن بغرداية إلى أن الوضع ببراقي مثلا يمكن أن نقول إنه مشكل اجتماعي بحت، لكن بولاية غرداية هو مذهبي طائفي عرقي أكثر منه اجتماعيا، لأن العرب يتميزون في الغالب بأنهم كانوا بدوا رحلا منذ عقود مضت، ولما استقروا بالمدن التي كانت في الغالب مدنا يسكنها بني مزاب، بدأ هذا الصراع في الظهور خصوصا حول العقارات العمل والسكن، وهو ما خلف أزمة اقتصادية وكثافة سكانية لبني ميزاب. وفي السياق ذاته يرى جابي وجود أزمة في الجانب السياسي، لأننا فشلنا إلى حد الآن في بناء أحزاب سياسية وطنية تقوم بعملية الإدماج الوطني بين "العربي" و«الميزابي"، كما يقول، وفشلنا في إيجاد إدارة وطنية شفافة عندما تعلن عن قرارات. وما زاد الطين بلة هو الصراع على المجالس البلدية، حيث أصبح المواطن بغردايةوبالجزائر ككل لا يثق فيها