مثل قرار الحكومة المتمثل في إعادة إطلاق مشاريع سكنات عدل بعد عشر سنوات من التجميد، الحدث البارز لدى كل الجزائريين خلال السنة الماضية، حيث أعاد إحياء الأمل لديهم في الحصول على سكن. وهو الهاجس الأكبر بالنسبة إليهم، خاصة أن الاستفادة من شقة ضمن الصيغ السكنية الأخرى عادة ما تكون شبه مستحيلة، فالسكن الاجتماعي بالرغم من كونه موجها للطبقات الهشة والضعيفة أو منعدمة الدخل، إلا أن توزيعه يعد الأكثر تعقيدا وعادة ما يتهم المواطن السلطات المحلية بالتلاعب به ومنحه لمن تنعدم فيهم شروط الاستفادة. كما أن الصيغ الأخرى ليست في متناول غالبية الجزائريين بالنظر إلى ارتفاع تكاليفها. وقد أعاد وزير السكن عبد المجيد تبون فور تعيينه على رأس القطاع نهاية سنة 2012 الحياة للوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره عدل، فاتحا بذلك الأمل مجددا في الحصول على سكن بالبيع بالإيجار بعد انقطاع طويل، حيث أعلن عن برنامج جديد لعدل يوفر 150 ألف وحدة سكنية، قبل أن يتقرر أمام ارتفاع الطلب على السكن تدعيم البرنامج بحصة إضافية من 80 ألف وحدة، ليصبح عدد الحصص الممنوحة في إطار برنامج "عدل2" 230 ألف وحدة سكنية، تعهد الوزير وهو يحذر مسؤولي القطاع من تكرار سيناريو عدل 2001 / 2002 بتسليمها قبل 2016، واعدا من لم يسعفهم حظ الاستفادة من "عدل2" ببرامج أخرى مستقبلا. وبمناسبة عودة سكنات عدل، سجلت الوكالة رقما قياسيا من المسجلين، عرى أزمة السكن التي يعانيها المواطن، حيث فاق عدد المتهافتين الذين سجلوا أنفسهم على الموقع الإلكتروني الذي خصصته الوكالة للعملية، 26 مرة حجم الحصة المتوفرة التي لا تتجاوز ال230 ألف وحدة، منها 76 ألف ستؤول لمكتتبي 2001 و2002 الذين لم يتسلموا شققهم بعد. وقد تجاوز عدد المسجلين في "عدل2" عتبة المليونين، قبل أن تخفض عملية "غربلة" الملفات والتحقيق حول صدق البيانات المسجلة من قبل المكتتب هذا الرقم إلى 400 ألف مكتتب فقط تم الرد عليه، بقبول ملفه أو رفضه، على أن يتم الفصل في عملية توزيع هذه الشقق التي تستجيب تقريبا لثلث الطلبات فقط حسب التسلسل الزمني لتاريخ الاكتتاب، أي أن المكتتبين الذين تمكنوا من التسجيل أولا لهم أولوية الاستفادة بغض النظر عن وضعيتهم الاجتماعية والعائلية والمالية، ما عدا الشرط الأهم وهو أن يكون الأجر الشهري للمستفيد متراوحا بين 24 ألف و 108 ألف دج، ولم تسبق له أو لزوجه الاستفادة من مساعدة الدولة للحصول على سكن أو قطعة أرض أو معدات بناء. وبالموازاة مع عودة سكنات عدل، وقرار الوكالة تخصيص موقع إلكتروني لاستقبال التسجيلات، للتخفيف عن المواطن عناء التنقل إلى مقرها الكائن في بئر مراد رايس بالعاصمة، عرّى الواقع عجز الحكومة الجزائرية عن التعامل مع التكنولوجيا، واستحالة تحكمها في ما يعرف بالإدارة الإلكترونية، حيث إن الموقع ما لبث أن انهار بعد دقائق من إطلاقه ولم يقو على تحمل الضغط أمام العدد الكبير للراغبين في التسجيل. ونفس المصير أيضا لاقاه موقع الوكالة أثناء عملية الرد على المكتتبين المقبولة ملفاتهم، حيث انهار هو الأخير وعرف جملة من المشاكل التقنية، وحجة الوكالة دائما "الضغط الشديد". ولكن بالرغم من ردها على 400 ألف مكتتب، وتعهدها بتسليم المشاريع في آجالها أي قبل حلول سنة 2016، إلا أن وكالة عدل لم تشرع في إنجاز المشاريع في كامل التراب الوطني، وانطلقت فقط في 12 ولاية، في حين أن 36 المتبقية لا زالت في انتظار تحديد الأوعية العقارية أو مكاتب الدراسات أو المؤسسات المنجزة لتخطو في مشاريعها. وأمام هذا الوضع لا زالت الشكوك قائمة لدى المواطن الذي يتذكر جيدا سيناريو عدل 2001 و2002 ويتخوف من تكراره، بالرغم من تعهدات الوزير بأن "عدل2" ستسلم في آجالها