الحكومة مرغمة على معالجة متأنية للاحتجاجات لتجنب الاستغلال السياسي تعرف الجبهة الاجتماعية حراكا قويا في ظل سلسلة الاحتجاجات التي تعرفها بعض القطاعات والتلويح بتوسع حملة الإضرابات مثلما هو الحال لقطاع التربية والصحة والتعليم العالي والإدارة و... وهو ما سيضع الحكومة في موقف حرج، حيث ستجد نفسها في مواجهة هذا الحراك الاجتماعي، على مقربة من موعد سياسي هام يرغمها على معالجة متأنية ودقيقة لمنع تجار السياسة من استغلال الجبهة الاجتماعية. أيام معدودة تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية أزاحت الستار عن عدة تطورات على الصعيد الإجتماعي بعد تهديد نقابات في الصحة والتربية والإدارة والتعليم العالي بالدخول مجددا في إضرابات من أجل تحقيق بعض المطالب الاجتماعية والمهنية، وبالرغم من أن النقابات ارتأت الاحتجاج في هذا الوقت بالذات لدوافع مهنية اجتماعية -حسبها- تكمن في ضرورة مراجعة القوانين الأساسية الخاصة بها التي لم تكن في صالحها وكانت مجحفة في حق فئات عدة منها، إلا أن الوقع يؤكد محاولتها استغلال الوضع الراهن للبلاد المقبلة على انتخابات رئاسية للضغط على الحكومة، خاصة في هذا الظرف الحساس لانتزاع مزايا أخرى للعمال والموظفين. وقد اعتادت الساحة السياسة تكرار سيناريو الاحتجاجات كل موعد انتخابي، حيث تستغل النقابات مثل هذا الظرف مثلما هو معتاد للضغط على الحكومة التي ستكون مرغبة لشراء صمت الجبهة الاجتماعية لضمان السير العادي للاستحقاق الرئاسي المقرر في ظرف الأشهر القليلة المقبلة من جهة، إلى جانب اتجاهها مكرهة لإرضاء الموظفين تخوفا من إمكانية استغلال بعض الأطراف والأحزاب لهذه الاحتجاجات للتشويش على الموعد الانتخابي الهام والجو السياسي العام للبلاد. ومن المتوقع أن تعمل الحكومة جاهدة على تهدئة الأوضاع الاجتماعية والتعامل بنجاعة وبجدية تامة مع مطالب المضربين في مختلف القطاعات لإطفاء فتيل الاحتجاجات ومنع توسعها إلى قطاعات أخرى وما يجري في قطاع التربية وقطاع الصحة هو أكبر دليل على الوضعية غير الطبيعية التي توجد عليها الجبهة الاجتماعية، حيث تكاد الاحتجاجات أن تصبح دورية في هذين القطاعين بالرغم من مفاوضات مراطونية بين مسؤولي هذه القطاعات والمحتجين وبالرغم من أهمية القطاعين وحساسيتهما الكبيرة جعل المواطن يرفض كل احتجاج فيهما، إلا أن اللوم الأكبر يقع على الحكومة التي فشلت في معالجة مشاكل هذين القطاعين منذ أكثر من عشرية من الزمن.