تصاعدت موجة الغضب الاجتماعي في الآونة الأخيرة، وبدا أن الحركات الاحتجاجية قد أخذت منحى تصاعديا يعاكس العد التنازلي الذي تعرفه الانتخابات التشريعية المقررة في 10 ماي المقبل، وبتزايد حالة الغليان، تنامت المخاوف من تداعيات الوضع على مجريات الموعد البرلماني المرتقب، ولم تخف تشكيلات سياسية عديدة قلقها من تأثير هذه الاضطرابات على موقف الناخبين من المشاركة في الاقتراع المنتظر، وذهبت أحزاب أخرى إلى حد الاتهام المباشر، بأن ثمة جهات مغرضة على حد تعبيرها تدفع باتجاه تعفين الأمور حتى تحقق مكاسب وهمية كما يصفها هؤلاء، على حساب انشغالات المواطنين. وقد استطلعت «البلاد» بهذا الصدد، كبرى الأحزاب السياسية لمعرفة قراءتها بشأن تجدد حركة الإضرابات التي عرفتها بعض القطاعات المهمة في غضون الشهر الجاري، على غرار الصحة والتربية والعدالة على سبيل المثال، وقد تباينت تعليقات ممثلي التشكيلات السياسية، لكنها أجمعت على أن الوضع القائم لا يصب في مصلحة المشاركة الانتخابية، ولا يفيد الشرائح الاجتماعية المتضررة من تردي الأوضاع على مستويات عديدة. وقد فتح ميلود شرفي في هذا السياق النار على من وصفهم بأنهم لا يحبون الجزائر ولا يريدون الخير لشعبها، وأضاف الناطق الرسمي للأرندي، أن حزبه يعرف جيدا من يقف وراء هذه الاضطرابات من أجل إفساد عرس الجزائر الديمقراطي كما نعته المتحدث، موضحا أن المطالب الاجتماعية تبقى دوما طبيعية، لكن تحريكها في هذه المرحلة هو تحريض مكشوف من طرف دعاة المقاطعة في ظرف انتخابي مصيري من أجل التشويش على هذا الموعد التاريخي على حد تعبيره. من جهته، اعتبر قاسة عيسى أن الإضرابات ليست جديدة في الجزائر، وهي تعبير ديمقراطي عن المطالب الاجتماعية، مثمنا معالجة الحكومة للكثير من انشغالات الفئات المهنية، لكنه قال إن الاعتقاد بضرورة افتكاك الحقوق في هذه المرحلة الحساسة يعد خطأ في التقدير، مضيفا أن بعض التنظيمات النقابية لها أغراض سياسية، وقياداتها لها ارتباطات حزبية تريد استغلال المطالب الاجتماعية في إطار المواقف السياسية الضيقة، لكنها أضحت تلعب على حبال مكشوفة، مثلما صرح به القيادي في الأفلان، مؤكدا أن هذه النقابات ستفقد مصداقيتها بمثل هذه السلوكات على حد قوله. أما مسؤول الإعلام بحركة مجتمع السلم، فقد دعا مختلف الشرائح المهنية إلى استثمار الانتخابات الجديدة في اتجاه التغيير، من أجل تشكيل حكومة بديلة تستجيب لمطالبهم المشروعة حسب قوله، لأن الفرصة في رأي كمال ميدة أصبحت سانحة أكثر عبر المشاركة وليس المقاطعة، معتبرا أن تصعيد الاحتجاجات في هذا الظرف غير عقلاني ولا موضوعي، إذ إن المسؤول لا يملك من الناحية العملية سلطة القرار في مثل هذه الظروف، فهو غير ثابت ولا قادر على تحقيق الانشغالات المرفوعة على حد تعبيره. كما ذهب عمر قريشي في السياق نفسه، إذ أبدى تخوف حزبه من تداعيات تسخين الجبهة الاجتماعية على مستقبل الاستحقاق البرلماني، مؤكدا أن تصاعد الاحتجاجات سيكون على حساب المشاركة ويدفع أكثر نحو العزوف الانتخابي، وقال إن جبهة العدالة والتنمية لا تعلم من يقف وراء هذا الغليان، لكنها تدعو الشعب الجزائري إلى مواجهة ما سماه بالأوضاع المزرية من خلال السعي للتغيير الحقيق عبر الانتخابات، يضيف المتحدث.