فضلت بعض النقابات بدء الأسبوع الجاري بتعليق احتجاجاتها إلى ما بعد الانتخابات التشريعية المقررة يوم الخميس المقبل ودعت العمال إلى المشاركة بقوة في هذا الاستحقاق الوطني وعدم الخلط بين الواجب الانتخابي والمطالب المرفوعة، وهو الأمر الذي لجأ إليه الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، النقابة الوطنية لعمال المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية وكذا الفيدرالية الوطنية لقطاع البلديات، يحدث ذلك في وقت فضلت فيه نقابات أخرى مواصلة احتجاجاتها مثلما يجري في قطاعي الصحة العمومية والعدل. تتفق تصريحات جل النقابات التي لجأت إلى شن احتجاجات خلال الأيام الماضية وتلك التي لا تزال مُصرة على مواصلة حركاتها على أن ذلك ليس له أي علاقة بالانتخابات التشريعية ولا يُؤثر عليها بل إنها تستعمل حقها الشرعي في الضغط على الحكومة لتحقيق مطالبها، وهو ما أكده قبل ثلاثة أيام في تصريح إعلامي رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، الياس مرابط، الذي ذهب يقول »الاحتجاج الذي نقوم به ليس له أي علاقة بالسياسة مثلما ذهبت إلى ذلك بعض الأطراف ونحن لدينا عدة إطارات نقابية تابعة للتنظيم هي اليوم مترشحة للتشريعيات فكيف نكون ضد الانتخابات بل بالعكس نطلب من كل قواعدنا المُشاركة في الانتخابات لكن في الوقت نفسه لنا الحق قانونا في القيام بالإضراب والضغط على الحكومة بكل الوسائل المشروعة«، وهو نفس الشيء الذي أكده بدوره الأمين العام لفيدرالية عمال العدالة الذين فضلوا مواصلة الإضراب. يأتي ذلك في وقت فضل فيه الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين تعليق إضرابه المتجدد مع الاحتفاظ بحق العودة لأي حركة احتجاجية في الوقت المُناسب في حال عدم استجابة السلطات العليا للمطالب المرفوعة، وفي وقت تراجعت فيه الفيدرالية الوطنية لقطاع البلديات عن قرارها بمقاطعة الانتخابات التشريعية وأورد رئيس هذه النقابة التي تنشط تحت لواء "سناباب" في تصريحات إعلامية أنه على الرغم من عدم حصول هذه الفئة على حقوقها التي تُطالب بها منذ مدّة إلا أنه تقرر تعليق الاحتجاج باعتبار أن المطالب لم تكن مربوطة أصلا ب»المساومة مع مواعيد سياسية«، وهو ما قامت به كذلك النقابة الوطنية لعمال الملاحة الجوية التي علقت بدورها الإضراب الذي كانت تتجه نحو شنه. وبهذه القرارات تُسجل الجبهة الاجتماعية قبل يومين عن الانتخابات التشريعية تراجعا نسبيا في الاحتجاجات التي شهدتها منذ حوالي شهر من الآن سيما وأن بعض النقابات قد لجأت منذ أكثر من 20 يوما إلى تعليق احتجاجاتها وهو الشأن بالنسبة للاتحاد العام للعمال الجزائريين والنقابة الوطنية للأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين وكذا النقابة الوطنية لعمال التكوين المهني..علما أن العديد من هذه النقابات، سواء تلك التي علقت احتجاجاتها أو التي لم استمرت فيها، لها عدد معتبر من المُرشحين ضمن قوائم مختلف التشكيلات السياسية، فالمركزية النقابية لها 120 إطار نقابي، نفس الشيء بالنسبة للاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ونقابات الصحة بحيث نجد عدد من الأساتذة والأخصائيين في الصحة ضمن عدة قوائم. ويختلف المتتبعون للجبهة الاجتماعية وحتى السياسيون في الجزائر حول مواقف هذه التنظيمات النقابية فمنهم من يقف ضد الاحتجاجات في الظرف الراهن لتفادي استغلالها من قبل أطراف لا تُريد الخير للبلاد، ومنهم، من يرى بأن تردد السلطات وطريقة التعامل التي اعتمدتها في وقت سابق مع هذه النقابات هو الذي يجعلها لا تثق في الوعود المُقدمة لها، ومنه، لا يعترضون على الاحتجاجات بما أنها قانونية ويُطالبون من السلطات تجسيد وعودها في تحقيق المطالب المشروعة للعمال عبر الالتزام كتابيا بذلك وتفويت الفرصة أمام أي طرف يُريد استغلال الفُرصة لزعزعة استقرار البلاد.