هل يُقدم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على إطلاق ورشة تعديل الدستور التوافقي الذي أشار إليه عبد المالك سلال أثناء الحملة الانتخابية؟ وهل ينتظر الجزائريون حكومة سياسية لتسيير المرحلة السياسية القادمة، أم تيكنوقراطية لإدارة الملفات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة والمعقدة؟ الإجابة عن هذه الأسئلة مؤجلة إلى ما بعد أداء اليمين الدستوري من طرف الرئيس المنتخب لولاية رابعة يوم غد الاثنين، وبصرف النظر عن شكل وطريقة الأداء التي سيتم إخراجها هذه المرة نظرا إلى الأسباب الصحية التي قد تدفع إلى البحث عن فتوى دستورية ترفع الحرج عن بوتفليقة، فإن ما ينتظره المواطن في الجزائر هو مرحلة ما بعد اليمين الدستوري، هذا الإجراء الذي يعتبر دستوريا وفق قوانين الجمهورية، ومرحلة ما بعد اليمين الدستوري تتعلق أساسا بطبيعة الحكومة التي ستسيّر المرحلة القادمة، هل ستكون سياسية وفق مطالب المرحلة التي تتميز بحساسية مفرطة بين السلطة والمعارضة، أم تيكنوقراطية لفتح ومعالجة الملفات الاقتصادية الشائكة المطروحة بحدة هذه المرة على مختلف الأصعدة، وليس الاقتصادية بل والاجتماعية أيضا ووسط هذا التطلع يطرح البعض عدة أسماء لتولي حقيبة الوزارة الأولى في مقدمتها الإبقاء على سلال وزيرا أول كما كان عليه الحال في 2009 عندما أبقى على حكومة أحمد أويحيى، إلا أن الوضع هذه المرة يختلف اختلافا جذريا عن المراحل السابقة، حيث بوتفليقة بحاجة إلى إجراء تغييرات لإحداث ديناميكية سياسية جديدة وتعيين رئيس حكومة جديد تشير بعض المصادر إلى أن المهمة قد تسند لوزير الفلاحة الحالي ابن مدينة اريشس الشاوية عبد الوهاب نوري، مثلما يشير البعض إلى الإبقاء على عبد المالك سلال في منصبه. أما بالنسبة إلى الدستور المؤجل الحسم في أمره، فإن المعارضة تسعى إلى أن تكون هذه الورشة مفتوحة على كافة الحساسيات الوطنية والطبقة السياسية دون إقصاء وفق خريطة طريق واضحة المعالم وشفافة، بغرض الخروج من عنق الزجاجة وكتابة دستور توافقي يمكن أن يساهم في تكريس التعددية السياسية الحقيقية بعيدا عن الانفراد بالقرار الذي كبد الجزائر فتنا ومواجهات دموية. دستور توافقي يكرس حريات أوسع وديمقراطية تشاركية مع كافة أنسجة المجتمع هو المطلب الرئيس إذا للطبقة السياسية وأحزاب المعارضة التي تسعى لتكريس واقع سياسي جديد وفق رؤية عنوانها المرحلة الانتقالية ومن المستبعد أن يلقى هذا المطلب صداه المنتظر من طرف السلطة التي ترفض المرحلة الانتقالية جملة وتفصيلا، وهذا هو الخط الفاصل اليوم بين السلطة والمعارضة والمقاطعين للانتخابات الرئاسية الأخيرة، فضلا عن إشارات مطلوبة من السلطة تجاه الجميع بشأن مكافحة الفساد واستقلالية القضاء والحريات الواسعة للأحزاب السياسية ولوسائل الإعلام وتغيير آليات تنظيم الانتخابات وإسنادها للجنة وطنية أو هيئة وطنية لتنظيم الانتخابات.