يُرتقب أن تعلن السلطة عن خارطة طريق سياسية ضمن أولويات العهدة الرابعة، وبالنظر إلى الفوز العريض الذي حققه المرشح عبد العزيز بوتفليقة خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في السابع عشر أفريل الجاري، فإن رجل العهدة الرابعة سيكون في وضع مريح من أجل تحقيق الوعود التي أطلقها غالبية ممثليه خلال الحملة الانتخابية، فقد سبق لمدير حملته الانتخابية عبد المالك سلال رفقة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني ووزير الدولة عبد العزيز بلخادم أن كشفوا النقاب عن مشروع خاص بالإصلاحات الدستورية العاجلة، فقد كشف سلال النقاب عن دستور توافقي يجمع كافة القوى السياسية من حوله لبناء جزائر الغد، وأشار عبد المالك سلال في تجمعات انتخابية نشطها بغرب البلاد في مطلع الحملة إلى أن الدستور القادم سيضمن هامشا واسعا من الحريات، مشيرا إلى أن الجزائر تغيرت وأن الأجيال الجديدة على معرفة اطلاع بكل مستجدات الحياة في العالم. وبصرف النظر عن طبيعة الإصلاحات الدستورية، فإن المعارضة تريدها تشاورية مادامت السلطة قد قطعت على نفسها القيام بتعديل دستوري شامل وواسع، وإن كان التعديل الدستوري سيتصدر أولويات العهدة الرابعة وتفادي مطبات المرحلة القليلة الماضية التي عشناها قبل الانتخابات، فإن ثاني الأولويات تتمحور حول إجراء حزمة من التعديلات على بعض القوانين التي أوجد تطبيقها ثغرات ومطبات مثل قانون الانتخابات وقانون البلدية والقوانين الأساسية لعمال وموظفي عدة قطاعات. كما تتطلب المرحلة القادمة إجراءات حاسمة بشأن قضايا الفساد المطروحة بحدة التي ستعمق من امتحان قطاع العدالة في بلادنا، كما ستكون السلطة أمام امتحان الجبهة الاجتماعية التي تأجل غليانها لأسباب "جزائرية محضة"، حيث لازالت رهانات التأسيس لوضع مستقر على مستوى هذه الجبهة مما يتطلب استثمارات قوية في هذا الشأن أولها الزيادة العادلة في الأجور، فضلا عن مراجعة السياسة الاستثمارية والتنموية وأولوياتها. رغم هذا، فإن أهم الأولويات في مطلع العهدة الرابعة تخص الشق السياسي وتحديدا الإصلاحات الدستورية التي بدأت بعض القوى الدولية تدعو السلطة القائمة إلى تجسيدها وفقا لالتزامات التي قطعتها خلال الفترة الانتخابية. كما أن توسيع هامش الحريات ورفع القيود عن النشاط الإعلامي والسياسي للقوى المختلفة، خصوصا من المعارضة، من المحاور التي تعتبر امتحانا رئيسا لنوايا السلطة في هذه الفترة التي نعيشها.