أثارت الدعوة التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لمختلف الأحزاب والشخصيات والتشكيلات السياسية والحركات الجمعوية على المستوى الوطني من أجل إشراكهم في المشاورات لإعداد دستور توافقي، حالة طوارئ في أوساط المعارضة، وشكك العديد من المعارضين في نية بوتفليقة وراء هذه الدعوة، واعتبروها محاولة منه لتكسير صفوفهم أو احتوائهم، كما أبدوا تخوفهم من احتمال لجوء محيط بوتفليقة ورجالاته إلى إغراء المقاطعين بعرض المناصب عليهم لاحتوائهم. ودخل رؤساء الأحزاب والشخصيات العضوة في تنسيقية مقاطعة الانتخابات أمس في اجتماع مغلق لتحديد موقفهم من الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة من أجل الشروع في استشارة واسعة حول الدستور "التوافقي" الذي أعلن عنه بوتفليقة في خطاب له بمناسبة أدائه اليمين الدستورية يوم الاثنين الفارط بقصر الأمم، ومن ثم اتخاذ موقف موحد بالمشاركة في المشاورات أو مقاطعتها. وشارك في هذا الاجتماع ممثلون عن حركة مجتمع السلم لعبد الرزاق مقري، ولخضر بن خلاف عن جبهة العدالة والتنمية لعبد الله جاب الله وجيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد، ومحمد دويبي عن حركة النهضة، بالإضافة إلى رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، الذي انسحب من الرئاسيات. وفي هذا الخصوص، أكد سفيان فخري الناطق الرسمي باسم حزب جيل جديد في اتصال ب«البلاد" بأن جيل جديد ليس لديه أي ثقة في محيط الرئيس وفي كل ما يصدر عنه من قرارات ودعوات، مضيفا "لدينا تحفظ حول كل ما يريد القيام به، ونحن نعتقد أن خطواته هذه تندرج في سياق محاولة احتواء المعارضة من خلال إقحامها في حكومة موحدة أو دستور توافقي أو من خلال خطة أخرى مطروحة وهي احتمال تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة". وقال المتحدث باسم حزب جيل جديد لصاحبه المترشح المنسحب من الرئاسيات جيلالي سفيان "مبدئيا لدينا تحفظ على هذه الإصلاحات ونتساءل لماذا لم يجر بوتفليقة هذه الإصلاحات خلال الخمس عشرة سنة الماضية، وأجلها إلى غاية السنوات الخمسة الجديدة؟، وأضاف "إذا كانت الدعوة المقدمة تهدف إلى تكسير المعارضة أو احتوائها، وإذا كان هناك نداء لحزبنا لنلتقي ونتشاور مع بوتفليقة سوف نطرح الأمر أولا على تنسيقية المقاطعة التي نحن أعضاء فيها، وكذا على هياكل الحزب، قبل أن نتخذ قرارا". من جهته، كشف لخضر بن خلاف في اتصال هاتفي ب«البلاد" أن موقف جبهة العدالة والتنمية مرتبط بموقف تنسيقية المقاطعة التي دخلت في اجتماع أمس لمناقشة مسألة مشاركتها أو عدم مشاركتها في الاستشارة التي أعلنها بوتفليقة حول الدستور التوافقي. من جهته، صرح عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم في كلمة له نشرها على صفحته الخاص في الفايسبوك بأن إعلان بوتفليقة عن فتح مشاورات واسعة من أجل إعداد دستور توافقي هو مجرد تكرار لسياسة ربح الوقت والتحايل على الرأي العام مع الاستمرار في نفس النهج الذي يهدد المستقبل القريب للجزائر تهديدا جادا، مؤكدا أن "المشكلة القائمة هي الانعدام الكلي للثقة فيما تقوله السلطات بسبب عدم وفائها لوعودها واعتمادها على التزوير والتحايل والخداع في تسييرها للشأن العام مما أدى إلى فقدان مصداقيتها في كل ما تعد به وتعلن عنه".