تمكن أئمة المساجد الواقعة في الأحياء المعنية بعمليات الترحيل الأخيرة ببلدية وادي قريش في العاصمة من القيام بما عجزت عنه السلطات العمومية، حيث استعانت هذه الأخيرة بصوت المنابر لتهدئة نفوس العائلات المقصاة من العملية وطمأنتهم بالحصول على حقوقهم كاملة، في حال الالتزام بالإجراءات القانونية والابتعاد عن أحداث العنف والمشادات مع رجال الأمن التي طبعت يوميات هذه الأحياء طيلة الأسبوع الماضي. بعد موجة أحداث العنف التي لم تكد تعرف نهاية على خلفية إقصاء عشرات العائلات من الاستفادة من عملية إعادة الإسكان الأخيرة، عاد الهدوء تدريجيا إلى أحياء فونتان فراش، بوشراي وديار الكاف ببلدية واد قريش، بفضل الرسالة التي عرفت طريقها إلى المواطنين المعنيين عبر منابر أئمة المساجد خلال خطبة الجمعة الماضية، والتي أكدت من خلالها السلطات الوصية بأنها ستعيد النظر في وضعية العائلات التي لم تتحصل على سكنات قصد التوصل إلى الحلول المناسبة لها. في الوقت ذاته لم تجد العائلات المقصاة من السكنات الجديدة بدًا من العودة إلى أحيائها الأصلية بعدما وجدت نفسها لقرابة الأسبوع تلتحف السماء على قارعة الطريق بالمواقع التي نقلت شاحنات الهيئات المشرفة على عملية ترحيل أثاثهم إليها، كما هو الشأن بالنسبة لمنطقة الكاليتوس، بئر توتة وبن طلحة، حيث كدست هذه العائلات أثاثها عبر مختلف مناطق حيها الأصلي على غرار بوشراي، على اعتبار أن السقف من القصدير الذي احتمت به قرابة النصف قرن هُدّم فور خروجها منه بعد أن سُلم لهم رقم الشاحنة التي أعدت لنقل حاجياتهم، وذلك في انتظار ما ستسفر عنه مراجعة السلطات العمومية لقضيتهم وتحديد أحقيتها في السكن من غير ذلك. بالموازاة مع ذلك، شهدت أحياء فونتان فراش، بوشراي وديار الكاف تعزيزات أمنية مشددة عكست حالة التخوف من تكرار أحداث العنف، لاسيما وأن مجموعات من الشباب حاولت نهاية الأسبوع المنقضي اقتحام هيئات عمومية وتخريبها على غرار المؤسسات التربوية ومكاتب البريد، في حين تدعمت قوات الأمن من الشرطة وقوات مكافحة الشغب تحسبا لوقوع أي أحداث، برجال الحرس البلدي الذين لم تشهدهم البلدية حتى خلال العشرية السوداء. وفي وقت كشفت مصادر مقربة من الهيئة المشرفة على تنظيم عملية الترحيل ل''البلاد''، أن أسباب إقصاء العائلات من الاستفادة من السكنات الجديدة يرجع بالدرجة الأولى إلى عدم ورود أسمائهم في قائمة الإحصاء الأخير للعائلات المستحقة للسكن الذي باشرته الجهات الوصية، انطلاقا من أن كل عائلة تزوج أفرادها في نفس البيت أصبحت تطالب على حد تعبير المصادر ذاتها بأحقيتها بسكن خاص. ومن دون أن تذكر عدد العائلات المعنية التي فاق المائة، أشارت أن التحقيق كشف أن البعض منهم تم إقصاؤه بناء على امتلاكهم عقارات أخرى، ما يجعل استفادتهم من الترحيل في إطار برنامج القضاء على الأحياء القصديرية والسكن الهش غير قانوني، وهو السبب الذي تكذبه العائلات المقصاة جملة وتفصيلا، مؤكدة الوثائق الرسمية والشهادات على أنها عاشت في الحي منذ عدة عقود، بالموازاة مع امتلاكها لشهادة السلبية التي تمنحها البلدية ذاتها لمن لا يملك عقارات أخرى، في حين اعتبروا إقصاءهم تحايلا، كونهم لم يتم إخبارهم صراحة وإنما أدركوا ذلك بعدما أن وجدوا أنفسهم وأثاثهم في الشارع، وقالوا إن هذا سيعقد عمليات الترحيل مستقبلا، إذ أن العائلات سترفض بشدة مغادرة أكواخها قبل تأكدها من حصولها على سكنات جديدة.