لم يسبق للجزائر منذ حرب الرمال مع المغرب أن واجهت أزمة أمنية مصدرها الخارج، مثلما تواجهه اليوم على الحدود الشرقية مع تونس وليبيا والجنوبية مع ماليوالنيجر. وفي هذا الشأن، لم يعد خافيا حجم المخاطر التي تتدفق على بلادنا من دول الجوار التي تعيش وضعا أمنيا صعبا وآخر سياسيا معقدا ألقى بضلاله على استقرار المنطقة، بعدما سيطرت التنظيمات الارهابية المسلحة على مفاتيح الأمن في المنطقة. حالة التفكك التي تعيشها ليبيا مثلا، لم تنعكس بشكل مباشر على الجزائر فقط، بل امتدت حالتها إلى دول الجوار، حيث يعبث اللاأمن الليبي بالوضع في النيجرومالي ومحاولة اختراق الصف الأمني في تونس التي تواجه هي الأخرى معضلة أمنية منذ سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. ونتيجة هذه الحالة الاستثنائية التي سبق للجزائر أن تنبأت بها قبيل سقوط نظام العقيد معمر القذافي، فإن تفكك دول الجوار ألهب الحدود مع الجزائر، وسط ضمور القرار الدولي لتطويق ظاهرة الإرهاب والجماعات الإرهابية المتنامية في المنطقة، خصوصا في ليبيا التي استحوذت عليها هذه الجماعات بشكل شبه تام، أدى إلى شلل كامل في أداء الحكومة وباقي الأجهزة الأمنية الأخرى التي تحولت في معظمها إلى جزء من المشكلة الأمنية، وهذا ما أدى إلى بروز الجنرال خليفة حفتر الذي يرتقب أن يشمل نفوذه مفاتيح الأمن في ليبيا في الداخل وعلى جبهتها المصرية والجزائرية وفي السواحل الليبية تحديدا. وإذا كانت الجزائر تحاول في كل مرة استخدام الورقة السياسية بشكل فعال يخفف من أعباء الحل الأمني، فإن الجيش الوطني الشعبي بدا في كامل استعداداته وقوته للدفاع عن أمن الحدود والوحدة الترابية للبلاد، بسبب التهديدات الأمنية المتنامية من يوم لآخر، وكان البعض يرى في تصريحات كبار مسؤولي الدولة بشأن المخاطر المحدقة بالحدود مجرد حملة انتخابية "لتخويف" الرأي العام" مثلما ردد الكثير من المعارضين، إلا أن مرور شهر على الانتخابات الرئاسية أعطى للجزائريين الصورة الكاملة للمشهد الأمني في الحدود الشرقية والجنوبية على وجه الخصوص.