أجمع معلّقون إسرائيليون على أن مسار الحرب على غزة يدل على خطأ تقديرات الجيش الإسرائيلي بشأن قدرات المقاومة الفلسطينية ودافعيتها القتالية. وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" كتب آرييه شافيت، كبير معلّقيها السياسيين، أن "تنظيماً صغيراً وفقيراً، مثل حركة حماس، تمكن من تحدي إسرائيل وجيشها العظيم، ليس هذا فحسب، بل أن تكنولوجيا غزة المتخلفة تمكنت من مواجهة التكنولوجيا الإسرائيلية ذات القيمة العالية"، موضحا أن مسار الحرب دلّ على عدم واقعية التقييمات الإسرائيلية بأن حركة "حماس" ضعيفة وقابلة للردع، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن الهجمات الصاروخية التي شنّتها الحركة على إسرائيل لم تفضِ إلى خسائر كبيرة في الأرواح، إلا أن الحركة نجحت في المس بالسيادة الإسرائيلية. وأضاف "لقد قالوا لنا إن لدى الجيش رداً على حماس، لكن رده غير وافٍ، ولم يكن لسلاح الجو القدرة على توجيه ضربة حاسمة من الجو". وحمّل شافيت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المسؤولية عن هذا الواقع، لافتاً إلى أن إسرائيل تدفع ثمن عدم استغلالها الهدوء الذي أعقب الحرب التي شنتها على غزة في نوفمبر 2012 لدفع جهود التسوية السياسية للصراع، مشيراً إلى أن هذه الخطوة كان يمكن أن تمنح إسرائيل شرعية دولية وهامش مرونة كبيرة للقيام بعمليات عسكرية. وشدد على أن إسرائيل لا تعرف طريقة تتمكن فيها من هزيمة "حماس" من دون الغرق في المستنقع الغزاوي. كما قال الصحافي آفي سيخاروف إن الاستخبارات الإسرائيلية أخطأت في تقدير قوة ونوايا "حماس"، إذ انطلقت من افتراض مفاده أن حماس "محطمة وستركع على ركبتيها، وفوجئت عندما ثبت العكس". وأشار سيخاروف، خلال مشاركته في برنامج حواري بثته قناة التلفزة العاشرة للمستوطنين، إلى أن التقديرات الاستخبارية الخاطئة بشأن حركة "حماس" لم تساعد المستوى السياسي في تل أبيب على اتخاذ القرارات الصحيحة. ومن ناحيته، قال كبير المعلّقين في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، ناحوم برنيع، إن المقارنة بين حرب لبنان 2006 وحرب غزة 2014، تظهر أن حركة "حماس" تبدو أكثر تصميماً بكثير من "حزب الله". من ناحية أخرى، تزداد أعداد الشهداء يوما بعد يوم، في ظلّ مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة. فكل شيئ بات هدفاً لقوات الاحتلال، بعد الخسائر التي منيت بها في الأيام الأخيرة، فيما تمكنت المقاومة مجدداً من اقتحام العمق الإسرائيلي في منطقة "إيرز"، التي تُعدّ إحدى أكثر المناطق العسكرية المحاذية للقطاع، تحصيناً. وانتشلت الطواقم الطبية 26 شهيداً، من تحت أنقاض منزل عائلة أبو جامع، في بني سهيلا، في مدينة خان يونس، جنوبي القطاع، في مجزرة جديدة للاحتلال الإسرائيلي، ولا تزال عمليات البحث عن ناجين أو شهداء وجرحى، مستمرة رغم شحّ الإمكانيات. وبلغ عدد الشهداء في إحصائية غير ثابتة، 514 شهيداً، وسقط 3260 جريحاً. واستأنفت إسرائيل عمليتها العسكرية ضد قطاع غزة أمس، بينما قتل 13 جندياً في صفوف الإسرائيليين خلال والعشرين ساعة الماضية في قطاع غزة، مما يرفع إلى 18 عدد العسكريين الذين قتلوا في الهجوم الذي أطلق عليه اسم "الجرف الصامد"، وهي أعلى حصيلة تمنى بها القوات الإسرائيلية منذ 2006.