المقاومة تضع الاحتلال الاسرائيلي في مأزق كان لما بثته إذاعة وتلفزيون الاقصى من تسجيلات لقنص الجنود الصهاينة وتفجير آلياتهم الاثر البالغ في معنويات الشعب الفلسطيني، حيث انطلق عديد منهم للتكبير في المساجد وعلى قوارع الطرق. * * حوالي 700 شهيد منهم 300 من الأطفال والنساء * * وها هي بعد يومها الخامس، تبدو الهجمة البرية الإسرائيلية عاجزة عن الوصول الى نهايتها الفاشلة، رغم ما أوقعته من ضحايا في صفوف الشعب الفلسطيني، حيث بلغت حصيلة الشهداء منذ فجر أمس 30 شهيداً منهم 8 سقطوا في 3 غارات صباحا على حيي الشيخ رضوان والزيتون بمدينة غزة وبلدة بيت لاهيا في الشمال، وكل الشهداء كانوا من المدنيين، فيما استشهد 4 آخرون متأثرين بجراحهم التي أصيبوا بها أمس، في القصف الاسرائيلي الذي استهدف مدرسة تابعة لوكالة الغوث بجباليا، كما تم انتشال جثامين 8 شهداء في العطاطرة شمال القطاع. * وأكدت مصادر طبية في مستشفى ابو يوسف النجار في رفح استشهاد سالم حرب ارميلات "60 عاما" بشظايا وأصيب اخرون في غارة اسرائيلية قرب معبر رفح.. ولازالت الصواريخ تتساقط على بيوت المدنيين برفح وعلى الانفاق..كما تواصلت حملات الاستهداف للمقرات المدنية والخدماتية، فلقد شنت القوات الاسرائيلية غارة اسرائيلية استهدفت ملعباً بجوار مسجد التقوى بحي الشيخ رضوان أسفرت عن استشهاد أربعة مواطنين وإصابة 8 آخرين بجراح، فيما أسفرت غارة على منزل بحي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة عن استشهاد ثلاثة مواطنين وعدد من الإصابات أيضاً، كما استشهد مواطن على الاقل في قصف طال منزلاً في بيت لاهيا. * وتمكنت أطقم الاسعاف التي مُنعت على مدى أيام من الوصول إلى بعض المناطق التي شهدت قصفاً وتوغلاً اسرائيلياً في شمال القطاع، من انتشال جثامين 8 شهداء من تحت انقاض منازلهم التي دمرت على رؤسهم. * كما أعلنت مصادر طبية امس، استشهاد 4 مواطنين متأثرين بجراحهم التي أصيبوا بها في المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مدرسة الفاخورة التابعة للاونروا في جباليا شمال القطاع، وأدت إلى استشهاد أكثر من 40 مواطناً غالبيتهم من الاطفال والنساء وإصابة العشرات، حيث كانت المدرسة تأوي مئات من المواطنين الذين دمر القصف منازلهم وأصبحوا بلا مأوى..وبذلك قد اصبح عدد شهداء المدرسة 44 شهيدا. * وفي وقت مبكر من صباح أمس، أعلنت المقاومة الفلسطينية عن استشهاد اثنين من المقاومين وقالت كتائب الاقصى- مجموعات ايمن جودة - إن أحد مقاتليها محمد عايش أبو النصر استشهد في غارة جوية على بيت لاهيا، فيما استشهد معين عوض سلمي من سرايا القدس واصيب آخرون في قصف اسرائيلي على حي الزيتون جنوب مدينة غزة. * وواصلت اسرائيل سياسة قصف المنازل، حيث قصفت منزل بشير المقوسي في بيت لاهيا، ما أدى الى اصابة اثنين من المواطنين، كما نفذت الطائرات غارات على منزلين على حدود رفح، بالقرب من بوابة صلاح الدين قبل أن تقوم الطائرات بقصف ما قالت إنه مجموعة من الانفاق على نفس الحدود وعلى مناطق مفتوحة بالنصيرات بمشاركة الزوارق الحربية. * وكانت الليلة قبل الماضية ساخنة في جنوب القطاع، حيث قامت قوات الاحتلال بالتمركز في حي ابو طعيمة الى الشرق من بلدة عبسان الجديدة شرقي خان يونس ودمرت هناك قرابة 30 بيتاً للعائلة ومسجد آل ابو طعيمة وعندما انسحبت صباحاً قام المواطنون بتفقد منازلهم، فأطلقت قوات الاحتلال النيران باتجاههم، ما أدى الى اصابة أحدهم. كما شهدت محافظة رفح ليلة ساخنة كذلك، حيث قامت المروحيات الاسرائيلية بقصف منزلين للمواطنين، وكذلك نفذت مروحيات الاحتلال غارتين على الاقل على مخيم النصيرات وسط القطاع فجر وصباح اليوم الاربعاء، فيما لم تتوقف الزوارق الحربية عن قصف مناطق خالية في دير البلح وسط القطاع لساعات مساء امس وفجر اليوم. * وفي احصائية لعدد ضحايا العدوان الاسرائيلي بعد يومه الثاني عشر بلغ عدد الشهداء نحو 700 شهيد و3200 جريح بينهم عدد كبير من الاطفال والنساء. * هذا وقد استمر الاشتباك على كل محاور مدينة غزة ولم تستطع القوات الإسرائيلية التقدم خطوة نحو الاماكن التي يشغلها المقاومون، وتحدث الناطق العسكري الصهيوني عن وقوع اصابات في صفوف الجيش الاسرائيلي.. فيما تواصلت عمليات قصف الصواريخ نحو المستوطنات الصهيونية دونما توقف. * وقد شهد اليوم الثاني عشر من الحملة العسكرية الصهيونية تكثيفا في القصف الاسرائيلي على طول خط فلادلفيا، أي الحدود الفلسطينية المصرية لتدمير الانفاق التي يزيد عددها عن الالف، فعلى مدار الساعة تتهاطل الصواريخ الارتجاجية على الانفاق، الامر الذي تسبب في تدمير عديد من البيوت المجاورة وقامت وسائل اعلام العدو بتوزيع بيانات عسكرية تحذر المواطنين على طول الخط الحدودي لمغادرة بيوتهم وأعطوا مهلة لذلك الى الساعة الثامنة من صباح اليوم الخميس..هذا وقد تم قصف عديد من البيوت في رفح صباح امس. * وفي تنقلنا الى المستشفيات الرئيسية في القطاع صباح امس، لم يكن سهلا ان نجد مكانا في أروقة المستشفيات التي تغص بالجرحى والشهداء، لاسيما مستشفى الشفاء بغزة ومستشفى شهداء الاقصى بالمعسكرات الوسطى وكذلك مستشفى ناصر بخانيونس..وحالات العلاج تبدو قريبة من البدائية لعدم وصول ما يكفي من المواد الطبية للمستشفيات، وقد أكد لنا مسؤول بمستشفى الشفاء وكذا بمستشفى كمال عدوان بجباليا ان قطع القوات الإسرائيلية للطريق على غزة من كل الجهات حرم المستشفيات من وصول بعض المساعدات الطبية التي وصلت الى مدينة خانيونس..هذا ويشكل انقطاع الكهرباء ليومه الخامس أخطارا محدقة بمدينة غزة، حيث بدأت ملامح انفجار الصرف الصحي والتلوث البيئي..كما ان المواطنين يعانون من انعدام مياه الشرب وشح المواد الغذائية.. كما ان عمليات التهديم الواسع لبيوت المواطنين خلق أزمات حقيقية للمواطنين الذين لم يجدوا سوى المدارس يلجأون اليها رغم ما يكتنف ذلك من مخاطر، كما حصل يوم الثلاثاء لإحدى المدارس التي فرر اليها المواطنون. * رغم ذلك، فإن حالات الصمود أسطورية ويتناقل الناس روايات للمقاومة وكيف يخرج الفدائيون من تحت الارض للدبابات ويقصفون اليات العدو.. ورغم عدم وجود أي مظهر من مظاهر الشرطة في الشارع، الا ان حالة من الانضباط الاجتماعي وتماسك المجتمع وفرت على الحكومة في غزة طاقات عدة. * * المقاومة تفاجئ الرأي العام الإسرائيلي * * فاجأت المقاومة المؤسسة الإسرائيلية الامنية والاعلامية بقدرتها على مواصلة المقاومة ليومها الثاني عشر، رغم استخدام إسرائيل أحدث ما في ترسانتها العسكرية واخر "تكتيكات" القتال، كما صرح بعض قادة إسرائيل أنهم استفادوا من الخطة الأمريكية في العراق.. وبعد اليوم الثاني عشر ها هي الاصوات تعلو داخل المؤسسات الصهيونية تلقي الضوء على مآلات الهجمة البربرية ونتائجها الفادحة على أمن المجتمع الصهيوني بعد ان بدأ المستوى السياسي الإسرائيلي يضع سقفا دون السقف الأول من أهداف الحملة الصهيونية. * التقت تعليقات أبرز الصحافيين الإسرائيليين في القول أن إسرائيل "عالقة" بين خيار الانسحاب من غزة ووقف الهجوم من جهة، أو خيار مواصلته والتوغل في قلب غزة، أي إعادة احتلالها بالكامل من جهة أخرى، مع معرفتها المسبقة للثمن الذي ستدفعه في كل من الحالين. * وأشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أن الرسالة التي يبعث بها أقطاب المستوى السياسي إلى العالم قبل انعقاد مجلس الأمن الدولي تحذّر من أن إسرائيل لا يمكنها وقف الهجوم بلا إنجاز، بل هي ماضية في عملياتها العسكرية وقد توسع نطاقها في حال لم يتوصل المجتمع الدولي إلى اتفاق وقف للنار يرضيها. * ويتجه الموقف الإسرائيلي الرسمي إلى اشتراط وقف النار باتفاق يفرض على "حماس". وأكدت أوساط سياسية أن الاتصالات الأكثر جدية التي تجريها إسرائيل في هذا الشأن هي مع واشنطنوالقاهرة والسلطة الفلسطينية، وتتناول إيجاد آلية مشتركة للأمريكيين والمصريين تمنع استمرار تهريب الأسلحة من سيناء إلى القطاع. * وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن مهندسين من الجيش الأمريكي موجودون منذ أيام في سيناء ويدرسون الخطط المختلفة لبناء منطقة عازلة في محور فيلادلفي تحول دون حفر أنفاق فيها. كذلك، ثمة نية لإقامة قوة أمريكية - مصرية تستعين بوسائل إلكترونية متطورة لمنع التهريب. وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن إسرائيل تضغط على واشنطن لتضغط بدورها على القاهرة لقبول وجود قوات أمريكية على المحاور الحدودية بين سيناء والقطاع لمنع أي تهريب. * وكتب المعلق السياسي في الصحيفة "ألوف بن" أن إسرائيل تجد نفسها في مأزق: فإذا انسحبت الآن من غزة، ستظهر كمن هربت بعد أول تورط لها مع "حماس" (مقتل الجنود الأربعة)، أما إذا استمرت نحو احتلال كامل للقطاع، فإنها قد تدفع ثمناً اقتصادياً وسياسياً باهظاً من دون تأمين تسوية سياسية. * واختزل كبير المعلقين في "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنياع المشهد السياسي بالقول إن العملية العسكرية في غزة تقترب من نقطة مصيرية، مشيراً إلى أن يوم أول من أمس "لم يكن سهلاً في كل ما يتعلق بالعمليات البرية للجيش الإسرائيلي في غزة، وكان يوماً خالياً من البشائر في كل ما يتعلق بالحراك السياسي". * وأضاف أن أركان المطبخ السياسي الثلاثة (رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني) يواجهون معضلة تتلخص في أنهم يشعرون بأنهم ملزمون بالإتيان في نهاية العملية بإنجاز يمكن التباهي به، وإلاّ فإن العملية لن تنتهي بشعور انتصار، "ومثل هذا الإنجاز سيتحقق إما بالعملية البرية أو من الحراك الدولي. وما يخشونه هو أنه في حال لم يتحقق الإنجاز، فلن يتحقق مفعول الردع الذي من أجله خرجت إسرائيل إلى العملية.أما الشرك، فيكمن في أنه مع توسيع العملية البرية، فإن القوات الإسرائيلية معرضة أكثر للإصابات في صفوف جنودها، ما سيمس الشعور بالانتصار". * وذكر أن جهات عسكرية تضغط في اتجاه توسيع العملية البرية لاعتقادها بأن من شأنها أن تدحر حركة "حماس". وأضاف أن رئيس المخابرات الخارجية "موساد" مئير داغان يرى أهمية قصوى لتحقيق إنجازات واضحة لا تقبل التأويل "لتجلجل في العالم العربي". * من جهته، أكد وزير الدفاع إيهود باراك أن إسرائيل تعتزم تحقيق أهدافها من العدوان المتواصل. وأضاف: "نحن اليوم في اليوم الحادي عشر من حملة الرصاص المنهمر، وهي حملة مركبة، وعرفنا مسبقاً أنها ستكون صعبة، وأمس، دفعنا ثمناً باهظاً بسقوط ثلاثة جنود... إنها معركة مريرة، لكن لا مفر منها. لا يمكن لدولة ترغب في العيش أن تسمح لتنظيم إرهابي بأن يشوش مجرى حياتها وينغص حياة مواطنيها". * وزاد أن إسرائيل خرجت إلى عمليتها من أجل إنزال ضربة شديدة ب "حماس"، ومن أجل "تغيير الوضع في الجنوب وتأمين الهدوء لمواطنيه ووقف تهريب السلاح إلى غزة... حددنا هذه الأهداف ونحن نعتزم تحقيقها". وأضاف أن الجيش بتر القطاع إلى أجزاء عدة، ويطوّق مدينة غزة. * * أحزاب صهيونية: "لابد من تدمير كامل قطاع غزة" * * دعا رئيس حزب "شاس" إيلي يشاي إلى هدم آلاف المنازل الفلسطينية في قطاع غزة وسحق حماس، على حد قوله. * وقال يشاي في لقاء تلفزيوني "يمكن تدمير غزة، كي يفهموا بأنه لا يجب إغاضتنا. معتبرا أن الحملة العسكرية فرصة لسحق آلاف المنازل للمخربين، كي يفكروا مئة مرة قبل أن يطلقوا صاروخا. * وأعرب يشاي عن أمله بأن تنتهي الحملة بإنجازات كبيرة وسحق تام لحركة حماس وللإرهاب. وأضاف: "برأيي يجب تسويتهم بالأرض، ولتهدم آلاف المنازل، الأنفاق والصناعات. * وتابع قائلا: "سكان الجنوب يشدون على أيدينا كي تستمر الحملة حتى سحق حماس، ويشار إلى ان يشاي امتنع عن التصويت على العملية العسكرية بتبرير خشيته على أرواح الجنود، موضحا أنه من الواجب العمل على تقويض سلطة حماس حتى رغم الاحتجاجات في العالم. * خلافا للأيام الماضية صدرت الصحافة الإسرائيلية، الأربعاء، وقد ركزت عناوينها الرئيسية على سقوط ومقتل الجنود الإسرائيليين في القطاع، أما الصحافي والمحلل ناحوم برنيع، فقد اختار أن يركز على التناقض الكامن في السعي لتحقيق النصر في الحرب وتحقيق الإنجازات العسكرية. فقد كتب برنيع تحت عنوان "المطلوب: الانتصار" يقول إن حملة الجيش الإسرائيلي في غزة تقترب من نقطة حرجة. فقد كان يوم أمس، يوما غير سهل بالنسبة لكل ما يتعلق بالنشاط البري للجيش الإسرائيلي في غزة، يوم معدوم البشرى على صعيد النشاط السياسي." * وتكمن المصيدة في حقيقة أنه كلما وسعت إسرائيل من نطاق عملياتها البرية، فإنها تكشف في الواقع تعرض المزيد من جنودها للخطر، الأمر الذي سينعكس فورا على حقيقة الشعور بالنصر، هذا عمليا ما قاله براك عشية الحملة عندما تحدث عن العلاقة بين كلفة الحرب وبين فائدتها". ورأى برنيع أن الخطر يكمن حاليا في تطور الحملة الإسرائيلية لمقاييس كبيرة. * أما في صحيفة يسرائيل هيوم، فقد كتب المحلل حامي شاليف يقول إن الامتحان الحقيقي لإسرائيل اليوم، هو مدى صمودها وثباتها في وجه الضغوط الدولية. واعتبر أنه على الرغم من وصول الرئيس الفرنسي لإسرائيل إلا أن الطريق إلى التوصل إلى تهدئة أو وقف لإطلاق النار لاتزال بعيدة. فإسرائيل تملك حدا أدنى من الشروط اللازم توفرها لوقف عملية "الرصاص المصبوب"، لا تعتزم حركة حماس لغاية الان الاستجابة لها، وفي المقابل، فإن المعارك في القطاع تتجه نحو مزيد من التصعيد، ناهيك عن الحرب النفسية التي يخوضها الطرفان. * وفي معاريف كتب المحلل العسكري، عوفر شيلح يقول إن المعركة البرية تكشف في الواقع نقاط الضعف. "ففي الجيش أيضا يعرفون أنه كلما تقدمت المعارك باتجاه المناطق السكنية، ترتفع احتمالات وقوع الإصابات. فتكتيك الدفاع الذي تتبعه حماس مبني على الامتيازات التي يوفرها لها ميدان المعركة، وفي مقدمتها القدرة على زرع العبوات الناسفة والألغام المفخخة التي أعدت مسبقا. وعلى الرغم من أن مستوى الاستخبارات ومعرفتها لما يدور في غزة لا يقارن بما كان لنا في لبنان، قبل بدء العمليات وبعدها إلا أنه لا يمكن توقع كل شيء مسبقا".