كأن التاريخ يعيد نفسه، فقد استنسخت تجربة علي بن فليس الذي أنهى بوتفليقة مهامه من كافة مفاصل الدولة قبيل الإعلان عن ترشحه لرئاسيات أفريل 2004، في صورة خلفه الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم، وبن فليس الذي ساقه طموحه إلى معسكر المغضوب عليهم، هو نفسه بلخادم الذي ساقته أحلامه إلى ما حدث يوم أمس في مجلس الوزراء، وقد تكون الأسباب التي أطاحت ببن فليس، هي تلك التي تقف اليوم وراء الإطاحة ببلخادم، وهو نفسه الرجل الذي جرّد بن فليس من مهامه كأمين عام للحزب في صيف 2004 بحركة تصحيحية أحالت رئيس الحكومة الأسبق على التقاعد السياسي المبكر. إقالة بلخادم أو بتعبير"وأج"، إنهاء مهام السيد عبد العزيز بلخادم بصفته وزيرا للدولة مستشارا خاصا برئاسة الجمهورية، وكذا جميع نشاطاته ذات الصلة مع كافة هياكل الدولة، شكلت مفاجأة للرأي العام والمتتبعين للشأن السياسي الداخلي، فقد رجّحت بعض التحليلات أن تكون نشاطات بلخادم خلال الأيام القليلة الماضية هي التي وقفت وراء التعجيل برحيله أو ترحيله بهذه الطريقة السياسية التي سبق وأن رأيناها مع وزير الاتصال الأسبق عبد العزيز رحابي و رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، رفقة علي بن فليس، وحتى رسالة عبد القادر حجار التي وجهها للرئيس بوتفليقة بشكل خاص يعاتبه فيها على عدم تكليفه بأي مهمة رغم مساندته له، و قام الرئيس بوتفليقة وقتها بنشرها عبر وكالة الأنباء الجزائرية، قبل أن يتراجع ويعيّن حجار سفيرا للجزائر بطهران سنة 2001، ومن الواضح جدا أن بوتفليقة أنهى الوقت الإضافي لبلخادم الذي سبق وأن راجت بشأنه عدة تأويلات قبل رئاسيات 2014، أدت إلى سحب البساط من تحته والانقلاب عليه في عملية استعراضية وذكية أسقطته من قيادة الأفلان وجاءت بغريمه عمار سعيداني أمينا عاما وهو الذي سيتولى بداية من اليوم عملية إبادة "البلخادميين" من الحزب، بعد الإشارة التكليفية التي جاءت بها وكالة الأنباء، التي لم تذكر الأسباب التي دفعت بالرئيس إلى قرار عزله أو بالأحرى طرده من الرئاسة والحزب، وهو القرار الذي سيفتح باب الدخول الاجتماعي والسياسي على وجبة سياسية دسمة، بعد الحديث عن مساعي قام بها بلخادم مع معارضين لبوتفليقة من تنسيقية الانتقال الديمقراطي، وأسباب أخرى من المرجّح أن يتم الكشف عن تفاصيلها لاحقا كحديث عن استقباله، أي بلخادم ببهو قصر الرئاسة قبل يومين زعيم حمس عبد الرزاق مقري برفقة القيادي في حركة المقاومة الفلسيطينية اسماعيل رضوان، وفي كل الحالات فإن بلخادم لا يمكنه العودة إلى معسكر بوتفليقة، هذا الأخير الذي قرر نهاية مأساوية للوقت الإضافي الذي منحه له قبل رئاسيات أفريل 2014، وهي نهاية قد تكون رسالة غير مباشرة لشخصيات أخرى من المحيط نفسه.