أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية، فارس مسدور، أن لممارسات المستهلكين الأثر البالغ في اتساع ظاهرة التهاب أسعار مختلف المنتوجات تزامنا مع مناسات معينة. كما هو الشأن للخضر والفواكه واللحوم خلال شهر رمضان. واعتبر المتحدث في اتصاله أمس مع ''البلاد'' العادات الاستهلاكية للمواطنين التي تفتقد في مجملها إلى آليات الترشيد من بين أبرز العوامل المسببة لظاهرة التهاب الأسعار التي تجعل المستهلك ضحية في يد مغتنمي الفرص. مشيرا إلى أن هذا الأخير يعتبر طرفا هاما في معادلة تقوم على ثلاثة أسس إلى جانب كل من التاجر والجهة الرقابية التي تمثلها الدولة. وعلى هذا الأساس، شدد مسدور على أن إشكالية التهاب الأسعار الموسمية لا يمكنها أن تحل إلاّ بإعادة النظر في هذه النقاط الثلاث، ومن ثمة فإن دور المستهلك يتجاوز كونه ضحية للممارسات تجارية غير قانونية تقوم على الاحتكار والمضاربة، انطلاقا من أنه مطالب بترشيد النفقات والتخفيف من فاتورة استهلاكه، كون تحديد الأسعار يقوم أساسا على مبدأ العرض والطلب، وأشار المتحدث في هذا الشأن إلى دور كل من أجهزة الإعلام وأعضاء المجتمع المدني وصوت منابر المساجد في تحسيس المستهلكين بأنهم مسؤولون كذلك عن كبح لجام التجار وتماديهم في رفع الأسعار. وأضاف أن تجارب سابقة شهدتها الجزائر في مرحلة التسعينيات، أثبتت أن مقاطعة المواطنين لسلع معينة أثرت بشكل كبير على الأسعار التي انخفضت إلى حدود 30 بالمائة. وذكر فارس مسدور أن مسؤولية التجار والجهات الرقابية وعلى رأسها وزارة التجارة الوصية بالمقابل، لا تقل أهمية عن دور المستهلك. وقال إن مصالح المراقبة وقمع الغش مطالبون بالتصدي لما أسماه ''اللوبي الاقتصادي'' الذي يمارس جريمة اقتصادية في حق المستهلكين، فضلا عن وضع الآليات التي من شأنها التخفيف من وطأة السوق الموازية، مذكرا أن حوالي 14 مليار دولار، يتم تداولها على مستوى هذه السوق التي تحولت إلى أبرز الوسائل لتبييض الأموال في ظل غياب الرقابة، إلى جانب المخاطر التي تنجر عن السلع المتداولة فيها على صحة وسلامة المستهلك، إذ تفتقر في معظمها إلى الالتزام بالمعايير الضرورية. من جهته ذهب الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، حاج الطاهر بولنوار، إلى الموقف ذاته مشيرا إلى عبء السوق الموازية على النظام الاقتصادي الجزائري، لاسيما وأن الأنظمة الرقابية المتبناة من طرف الوصاية لا يمكن تطبيقها على التجار الفوضويين، وبينما أشار إلى دور المستهلك في تخفيض الأسعار أكد المتحدث أن الإشكالية تطرح كذلك بالنسبة للنقص الفادح في الأسواق الجوارية ذات العلاقة المباشرة مع المستهلكين، ليضيف بأن حوالي 30 بالمائة من السلع المعروضة في أسواق الجملة تتعرض يوميا للتلف بسبب عدم اقتنائها من طرف تجار التجزئة.