بن صالح تجاهل المبادرة في خطابه الأخير قبل حوالي شهر من التاريخ الذي أعلنت عنه جبهة القوى الاشتراكية لعقد ندوة الإجماع الوطني، يبدو أن هذه المبادرة فقدت بريقها الذي ظهرت عليه لأول وهلة للساحة السياسية، خاصة مع رفض المعارضة الانخراط في هذا المسعى واكتفاء أحزاب الموالاة ب«الأخذ علما" بالمبادرة من دون أن يكون لِأخْذ العلم بالشيء أية تبعات، أكثر من كونه فرصة للاستماع وتبادل وجهات النظر. وتواصل جبهة القوى الاشتراكية لقاءاتها بالمناضلين والمواطنين عبر ولايات الوطن، وتصر على لقاء الجمعيات والأحزاب والشخصيات السياسية والتاريخية، في محاولة منها لشرح مبادرة "إعادة بناء الإجماع الوطني" وضرورة عقد ندوة وطنية لذلك، غير أن رفض المعارضة ممثلة في تنسيقية الحريات من أجل الانتقال الديمقراطي، وقطب القوى من أجل التغيير، للانخراط في هذا المسعى، واكتفاء كل من التقى قيادة "الأفافاس" بالترحيب بالمبادرة دون أي خطوات ملموسة أو واضحة، ناهيك عن التصريحات التي جاءت في البيان الختامي لأشغال حزب التجمع الوطني الديمقراطي، أكبر دليل على أن ندوة الإجماع الوطني ومبادرة أقدم حزب معارض فقدت بريقها. وفي السياق، ذكر البيان الختامي للتجمع الوطني الديمقراطي في دورته العادية الثالثة، أنه يرى أن التّنوُّع في البرامج والاختلاف في الأفكار والتوجهات، هو أساس التعددية السياسية، وعليه فإنه يُثمِّنُ المشاورات السياسية التي جرت حول تعديل الدستور، التي عكست عزمَ رئيس الجمهورية على إبقاء الأبواب مفتوحة أمام جميع القوى السياسية والاجتماعية، وفيما يتعلق بمبادرة الأفافاس وإن لم يسمها قال إنه أخذ علما بالأفكار والمبادرات "من دون أن يكون لِأخْذ العلم بالشيء أية تبعات أكثر من كونه فرصة للاستماع وتبادل وجهات النظر"، في إشارة واضحة أن الخط السياسي للحزب واضح وخال من أي التباس، والتزاماته صريحة وثابتة من سياسة الإصلاحات المنتهجة منذ سنوات من طرف رئيس الجمهورية. وقالت قيادة الأفافاس، إنه سيتم عقد ندوة "الإجماع الوطني" في التاريخ المعلن سابقا يومي 23 و24 فيفري القادم، مشيرة إلى أنه "لا يوجد شيء يمكنه الوقوف في وجه الحزب"، مؤكدة أن الحزب سيواصل شرح مبادرته للمواطنين رغم الانتقادات الموجهة لها من طرف أحزاب المعارضة. وبررت عقد ندوة الإجماع الوطني في التاريخ المعلن سابقا بكون الأمر "يتعلق بمصداقية الحزب" وأيضا بالتزامه تجاه قاعدته النضالية. ورغم اللقاء الذي جمعه بقيادات عن الحزب المحظور، والتي تم قراءتها على أنها رسالة واضحة للسلطة على أن أقدم حزب معارض في الجزائر يمكنه أن يؤدي دور "الوسيط" بينه وبين المعارضة، خاصة وأنه تمكن من إقناع القيادي في "الفيس" المحل عبد القادر بوخمخم بالجلوس معه والاستماع لفحوى المبادرة، في الوقت الذي رفض المشاركة في جولة المشاورات السياسية حول تعديل الدستور التي أجراها مدير الديوان برئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، غير أن المؤشرات الحالية، حسب مراقبين، توحي بأن مبادرة الأفافاس فقدت بريقها.