أسطورة "الساحر الابيض" تطفو من جديدة على ساحة كرة القدم الإفريقية بمناسبة انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2015 بغينيا الاستوائية، تسمية دخلت القاموس الشعبي الإفريقي منذ عام 1988 عندما قاد المدرب الفرنسي كلود لورا المنتخب الكاميروني للفوز بكأس إفريقيا للأمم بالمغرب. "الساحر الأبيض" وتعني المدرّب الأجنبي بالنسبة للأفارقة، والذي غالبا ما يكون لون بشرته فاتحا، فمع ارتباط المنتخبات الخاضعة لإشراف مدرب أبيض بالتتويج بالكأس القارية، قفزت هذه الأسطورة من جديد إلى الواجهة، مع انطلاق كأس إفريقيا للأمم بغينيا الاستوائية السبت الماضي. سطوة "الساحر الأبيض" على الكرة الإفريقية أخذت في الانتشار بطريقة جعلتها تتفوق على المعتقدات السابقة، النابعة من ثقة عارمة في قدراته، فهل هي مجرد معتقدات أم حقيقة ملموسة يترجمها المخيال الشعبي في شكل أساطير ؟ خصوصا وأنّ الإحصائيات تكشف واقعا ثابتا يتمثل في تفوق الكوادر الفنية الأجنبية من مختلف الجنسيات على نظيرتها الإفريقية في التتويج بكأس إفريقيا للأمم، حيث تمكنّت من الظفر باللقب القاري في 16 مناسبة من بين 29 دورة. ويبقى الغاني شارل كومي غيامفي والمصري حسن شحاته الاستثناء في هذا المجال، حيث تمكن هذا الثنائي من رد بعض الاعتبار للمدربين الأفارقة، بعدما قاد كل منهما منتخب بلاده إلى التربّع على العرش القاري في 3 مناسبات، ومع ذلك يعتقد عدد من المسيّرين أنّ الطريق لا تزال طويلة أمام الأفارقة. ولا يفهم الملاحظ البسيط تماما مثل الخبير المحنّك أسباب عدم تمتّع بعض المدرّبين الأفارقة على غرار النيجيري ستيفان كيشي الفائز مع منتخب بلاده بالتاج القاري عام 2013 والإيفواري فرنسوا زاهوي وصيف بطل القارة سنة 2012، بالتقدير الكافي في القارة الإفريقية. فمن الواضح أنّه يوجد إيمان أكبر بالسحرة البيض، بما أنّ الإحصائيات تقف إلى جانبهم وترجّح كفتهم، لكن يجب الإقرار أيضا أنّ هؤلاء يحظون بمعاملة أفضل من المدربين المحليين على مستوى الأجور والإمكانيات المرصودة لهم، على حد تعبير بعض الخبراء الكرويين الأفارقة. وقد جاءت المباراة الافتتاحية لنهائيات كاس إفريقيا للأمم 2015 لتقيم الدليل مجددا على الحضور اللافت للمدربين الأجانب في كرة القدم الإفريقية، فالمدرّب الأرجنتيني ايستيبان بيكير أشرف على تسيير الدواليب الفنية لمنتخب غينيا الاستوائية في أوّل تجربة له في الكان، في حين تولى الفرنسي كلود لوروا، الذي يسجّل حضوره للمرّة الثامنة في النهائيات القارية، الإشراف على حظوظ المنتخب الكونغولي. نسبة تتويج المدرب الأجنبي بالكأس الإفريقية تصل إلى 90 بالمائة على ما يبدو فإنّ أسطورة الساحر الأبيض ستتواصل خلال هذه النسخة من نهائيات كأس إفريقيا للأمم باعتبار تواجد 13 مدربا أجنبيا على رأس المنتخبات الإفريقية في مواجهة 3 مدرّبين محليين فقط، ما يعني أنّ نسبة تتويج مدرب أجنبي بالكأس الإفريقية تقارب 90 بالمائة. فالمنتخبات التي يتولى تدريبها "الساحر الأبيض" هي الجزائر (الفرنسي كريستيان غوركوف) والرأس الأخضر (البرتغالي روي اغواس)، وتونس (البلجيكي جورج ليكنس) والكاميرون (الألماني فولك فينكه) وبوركينافاسو (البلجيكي بول بوت) والسنغال (الفرنسي آلان جيراس) والغابون (البرتغالي جورج كوستا) والكونغو (الفرنسي كلود لوروا) وغانا (افرام غرانت) ومالي (البولوني هنري كاسبرتشاك) وكوت ديفوار (الفرنسي هيرفي رونار) وغينيا (الفرنسي ميشال دوساير) وغينيا الاستوائية (الأرجنتيني استيبان بيكير). أما المنتخبات التي يشرف عليها مدربون محليون فهي جنوب إفريقيا (شاكس ماشابا) وجمهورية الكونغو الديمقراطية (فلورون ايبنغي) وزامبيا (هونور غانزا).