على مدار 29 نسخة من بطولة كأس الأمم الأفريقية قدمت كرة القدم عشرات اللحظات التي لا تنسى لجماهيرها الغفيرة في القارة السمراء، نقتبس ثمانية منها قبل انطلاق نسخة العام الجاري في غينيا الاستوائية بمشاركة 16 فريقا تتنافس على الكأس الغالية. 1957 شريط الافتتاح: للبدايات دوما مكانة لا يمحوها النسيان، فالبطولة الأولى أقيمت في الخرطوم بمشاركة ثلاث فرق من وادي النيل هي مصر والسودان وإثيوبيا، بينما غاب المؤسس الرابع للاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) جنوب إفريقيا بسبب سياسة الفصل العنصري. أحرز الفراعنة اللقب بفضل فريق ضم من العظماء رأفت عطية وسمير قطب ورفعت الفناجيلي ولكن خطف الأضواء منهم جميعا محمد الديبة بتسجيله هدف الفوز على السودان (21) ورباعية اكتساح إثيوبيا في النهائي، ليسجل خمسة أهداف في مباراتين ويعود بالكأس إلى القاهرة. 1974 السيرك الزائيري: حفرت زائير (الكونغو الديمقراطية حاليا) اسمها بحروف من نور في بطولة 1974 التي أقيمت بالقاهرة كونها افتكت الكأس من بين أنياب المصريين بقيادة حسن شحاتة وفاروق جعفر وعلي أبو جريشة. استفادت زائير من زعامة فريقها إنجلبير لأندية القارة واقتنصت اللقب في نفس عام تأهلها لكأس العالم مستفيدة من تسعة أهداف سجلها نداي مولامبا الذي مثل بجانب الحارس كازادي موامبا والمدافع تشيمن بوانجا عماد الفريق التاريخي. السيرك الزائيري الذي عصف بغينيا في الدور الأول ومصر في نصف النهائي احتاج لتهدئة اللعب قبل رفع الكأس فتعادل مع زامبيا (22) بعد التمديد ثم فاز في مباراة إعادة بهدفين دون مقابل. 1982 أسطورة غيامفي: تأهب الليبيون لاستضافة البطولة يحدوهم حلم التتويج بقيادة نجم الوسط التاريخي فوزي العيساوي، ولكن الرياح القادمة من غرب القارة كان لها رأي آخر، حيث حملت لغانا الكأس الرابعة في تاريخها والثالثة للمدرب تشالز غيامفي الذي تحول إلى أسطورة منذ أن كان قد قاد النجوم السوداء للقبي 1963 و1965. أجهض غيامفي في بنغازي الحلم الجزائري وتفوق بعد الوقت الإضافي على فريق رابح ماجر (32) بفضل ثنائية لهداف الدورة جورج الحسن، ثم انتزع الكأس في طرابلس بركلات الترجيح (76) بعد التعادل (11) ليظل طيفه ملازما لخيال مشجعي غانا التي لا تزال تبحث حتى الآن عن لقبها الخامس. 1996 دموع مانديلا: أن تشارك في النهائيات لأول مرة بوصفك البلد المضيف فهذا يدعو للسرور، ولكن أن تفوز أيضا بالكأس فذاك يبرر الجنون الذي أصاب جماهير جنوب أفريقيا وهي تشاهد فريق البافانا يتربع على عرش القارة في أول ظهور له بين كبارها، بل وبعد توسيع رقعة البطولة لتشمل 16 فريقا، انسحبت من بينها نيجيريا حاملة اللقب. حققت جنوب أفريقيا الحلم بفضل فريق ضم نجوما متألقين مثل لوكاس راديبي ومارك فيش وجون موشوي وفيل ماسينغا، فعصفوا في الطريق بالكاميرونوغانا ثم حققوا اللقب على حساب تونس بثنائية مارك ويليامز. تجسدت كل معاني الإنجاز غير المسبوق حين رفع رئيس جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا الكأس والدموع في عينيه كأفضل تكليل رياضي لثمانية وعشرين عاما قضاها في السجن مكافحا ضد الفصل العنصري. 2008 أسطورة إيتو: من الصعب أن تُختار كأفضل لاعب أفريقي أربع مرات، ولكن أن تكسر رقم بوكو كهداف تاريخي لكأس الأمم بدا أمرا أكثر صعوبة بعد أن استعصى على كبار الهدافين مثل المصريين حسن الشاذلي وحسام حسن والإثيوبي مينغستو ووركو، والنيجيري رشيدي يقيني والزامبي كالوشا بواليا. في الدقيقة 27 من مباراة الكاميرون ضد السودان في ختام دور المجموعات بالنهائيات التي استضافتها غانا، تقدم صامويل إيتو لتسديد ركلة جزاء تاريخية، وما إن كانت الكرة تعانق شباك المعز محجوب حتى تحول "الأسد" إلى أفضل هداف في تاريخ كأس الأمم بوصول حصيلته للرقم 15 والذي ارتفع بعدها بعامين حتى 18 هدفا. ولم يتم لإيتو أن يجمع بين تجاوز رقم بوكو والفوز بالكأس الخامسة لبلاده والثالثة له بعد إنجازي 2000 و2002 حيث خسرت بلاده المباراة النهائية ضد مصر بهدف دون رد. 2010 ثلاثية المعلم: حقق غيامفي ثلاثيته مع غانا في بطولتين متتاليتين وأخرى منفصلة، ولكن حسن شحاتة الذي لا يزال يشعر بمرارة ضياع لقب 1974 من بين يديه كلاعب، حقق في 2010 إنجازا غير مسبوق مع المنتخب المصري بالفوز بالكأس الثالثة على التوالي ليرفع رصيد الفراعنة إلى سبعة تتويجات، ويمد مسيرة عدم الهزيمة في البطولة إلى 19 مباراة متتالية. أبكى "المعلم" في 2006 بالقاهرة الأسطورة الإيفواري ديدييه دروغبا الذي لا يزال يبحث عن كأس قبل الاعتزال، وعصف في 2008 بآمال إيتو، ثم أجهض حلم الإحياء الغاني في 2010 بهدف غال في النهائي سجله هداف البطولة محمد ناجي "جدو" الذي هز شباك خصوم بلاده خمس مرات كلها أثناء نزوله بديلا في أعقاب الاستراحة. غطى إنجاز شحاتة على مأساة شهدتها البطولة التي استضافتها أنغولا حين قرر فريق الطوغو الانسحاب حين تعرضت حافلته لرصاص متمردي إحدى الحركات الانفصالية. 2013: استعادة لقب غاب 19 عاما: على ملعب سوكر سيتي "المونديالي" في جنوب إفريقيا يقود المدرب النيجيري ستيفن كيشي منتخب بلاده للفوز على بوركينا فاسو لتحقيق اللقب الثالث في تاريخ "النسور" بعد غياب دام 19 عاما، ليدخل كيسي التاريخ بعدما سبق وتوج باللقب القاري من قبل مع بلاده عام 1994 في تونس.