شهد حرم محكمة جنايات العاصمة، صبيحة أول أمس الخميس، سابقة أولى وخطيرة من نوعها، بعد اشتباكات عنيفة نشبت بين أصحاب الجبة والسوداء وذوي البذلة الزرقاء، كادت تأخذ منحنى وانزلاقات تمس بالأمن الداخلي والسير الحسن للجلسات، مما أدى إلى شل مجريات المحاكمات المقررة خلال الفترة الصباحية. ونشب فتيل هذه المناوشات داخل جلسة مخصصة لفرع الجنايات، حين جلس أحد المحامين وهو لا يرتدي الجبة السوداء بالجهة المحاذية لمقعد الموقوفين والذين قدر عددهم ب11 متهما بينهم أفارقة تورطوا في المتاجرة بالمخدرات الصلبة، ليتقدم منه شرطي برتبة ملازم أول، ويطلب منه تغيير المكان، فراح المحامي يكشف عن مهنته وهويته ويلح على البقاء على مقربة من المتهمين، مما استدعى من الشرطي المأمور والمكلف ضمن باقي زملائه بالحفاظ على أمن الجلسة من أن يطلب منه الخروج من القاعة للحديث إليه وهو ما لم يرق للمحامي فراح يرد عليه بصوت مرتفع وعبارات استفزازية اعتبرها الشرطي مهينة ومخدشة لمشاعره كشخص على العموم وكشرطي بشكل خاص، قبل أن تتطور الأمور وكادت تنفلت حين تقدم باقي أفراد الشرطة وأرغموا المحامي على الخروج، ليقف بدورهم المحامون وقفة رجل واحد لمؤازرة زميلهم وتهجموا على الشرطي وانهال عليه بعضهم ضربا، كما أسمعوه وابلا من الشتائم البذيئة، تدخل إثر حتى النقيب، عبد المجيد سيليني. وقد لقيت الواقعة تضامنا وتآزرا للمحامين مع زميلهم، حيث قرروا إخلاء قاعات الجلسات وعقدوا اجتماعا طارئا خلص إلى رفع جملة من المطالب إلى النائب العام لمجلس قضاء العاصمة، بقاسم زغماتي، الذي تنقل شخصيا للوقوف على الخلاف، في مقدمتها تغير التشكيل الأمني الموفد بالجلسات الجنائية وعلى رأسه الملازم الأول كبادرة لرد الاعتبار للمحامي. وقد اعتبر النقيب، سيليني، فقدانه السيطرة على أعصابه إزاء هذه الحادثة بنزعته وغيرته على المهنة، حيث لم يهضم ما وصفه بمشهد "الإهانة" التي تعرض لها المحامي، فيما حمل محامون آخرون الواقعة لمرتكبها وأكدوا في تصريح ل"البلاد" أن "الحادثة لا تعبر بالضرورة عن سلوك جل أصحاب الجبة السوداء، وإنما تعبر عن شخص مقترفيها"، في حين أبان رجال الشرطة التصرفات غيراللائقة التي تمارس في حقهم أثناء تأدية مهامهم في إطار حفظ النظام العام من قبل المحامين أو موكليهم وعائلاتهم على حد سواء.