إضراب مستمر للعمال ومصير مجهول للإنتاج خلّف الإضراب المستمر لإطارات ومستخدمي مصنع الإسمنت ومشتقاته بوادي سلي غرب الشلف، موجة ردود أفعال غاضبة نقابية وحقوقية في ظل مطالبة منظمات عديدة السلطات المركزية بالتعجيل في فتح تحقيق معمق يكشف عن مستور تسيير المؤسسة العملاقة التي تنتج سنويا ما يفوق 2 مليون طن من مادة الإسمنت وتوظف ما يقرب 950 عاملا بين إطار ومستخدم. وأثارت الحركة الاحتجاجية المتواصلة في ساحة المصنع المشلول تقريبا بنسبة 90 في المائة عدا الأفران التي لا تزال تشتغل لأسباب أمنية في محيط المؤسسة، صدمة لدى رابطة حقوقية دفعتها إلى مطالبة الوزير الأول وزير الصناعة ووالي الشلف بتسليط الضوء على أسباب تأخر إنجاز الخط الإنتاجي الثالث الذي فازت الشركة الفرنسية "فايف أف سي بي" بصفقته بقيمة ناهزت 350 مليون أورو "37 مليار دينار" التي من المتوقع أن ترفع حجم القدرة الإنتاجية إلى 4 ملايين طن سنويا، ولفت التقرير الذي تسلمت "البلاد" نسخة منه إلى أن المصنع تراجع بشكل لافت في إنتاجه رغم حرص وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة على استلام الخط الثالث قبل نهاية سنة 2015 وتخصيص غلاف مالي فاق 150 مليار دج، لتطوير مصانع الإسمنت ال12 في الجزائر منها مؤسسة الشلف التي نالت حصة الأسد من الدعم المالي لما تكتسيه من أهمية في تموين الساحة الوطنية بحوالي 34 % من المنتوج الإسمنتي. وأشار التقرير إلى أن الغموض يطبع تسيير هذا "المجمع الإسمنتي العملاق" الذي يعيش بؤرة توتر حقيقية في أعقاب خروج العشرات من العمال عن صمتهم، مطالبين برحيل الرئيس المدير العام وبعض نوابه، مضيفا أن هذا الإضراب يعتبر ال20 في تاريخ الحركات الاحتجاجية العمالية بالمصنع، لكن لا أحد تحرك لمتابعة الوضع أو مساءلة الإدارة التي تعتبر سببا مباشرا في هذه "الثورة" التي لا تكاد تتوقف في ظل تمسك العمال بمطالبهم أبرزها تطهير الإدارة والحصول على كامل حقوقهم السوسيومهنية، منها مكافأة النجاعة التي لم يتسلموها منذ 2014 ومختلف العلاوات، ناهيك عن إصرارهم على الكف عن سياسة العقاب والظلم المنتهجة من قبل الرئيس المدير العام الذي لا يتوقف عن فرض تدابير غير قانونية في حق العمال حسبما جاء في ذات التقرير الذي تطرق بشيء من التفصيل إلى "الظلم المهني"، على غرار توفير وجبات رديئة لا تتجاوز قيمتها 150 دينار جزائري، بينما تحدد تذكرة الإطعام ب470 دج وهو ما يعتبر إخلالا بعقود العمل، فضلا عن حديث العمال عن غياب عيادة خاصة للتكفل بالحالات الصحية الطارئة داخل المصنع الذي يشكل أحيانا خطورة على العمال العاملين في الأفران على وجه التحديد. وطالب التقرير الجهات الوصية بالنبش في أساليب تسيير وتوزيع الإسمنت ومراقبة الجهات التي تستفيد منها ووجهة الكميات الإسمنتية في ظل حديث التقرير الحقوقي عن تسويق مشبوه للمادة وسندات الإسمنت بتواريخ رجعية وبطرق ملتوية لضمان وصولها إلى جهات لا تمت بصلة لقطاعي السكن والبناء ولا حتى مشاريع التشييد التي تعيشها الولاية والمناطق المجاورة بما أن بعض تقارير الإدارة تشير إلى أن ما يناهز 40 في المائة من الإسمنت توجّه إلى المقاولات والمؤسسات العاملة في مضمار تشييد مشاريع الدولة والمشاريع الكبرى. التقرير قال إن الجهات المركزية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى للتحقيق في شبكات ريعية أو "لوبيات" ألفت الحصول على عوائد كبيرة من التسويق غير القانوني للإسمنت وهو ما خلق منافسة غير شريفة في سوق الإسمنت.